f التواجد التركي في إدلب.. ضرورة أم اختيار؟ | السياسة الخارجية | SETA التواجد التركي في إدلب.. ضرورة أم اختيار؟ – SETA

في 12 فبراير 2020 أرسلت القوات المسلحة التركية تعزيزات من قوات الصاعقة لنقاط المراقبة في إدلب

التواجد التركي في إدلب.. ضرورة أم اختيار؟

تركيا شأنها شأن غيرها من الدول أمنها يبدأ من ما بعد حدودها

تستمر المسألة السورية في إيلام تركيا عبر أزمة إدلب.

ولسوء الحظ فإنه لا يوجد خيار أخر كعدم تأثير مأساة الحرب الأهلية المشتعلة في هذه الدولة التي نملك أطول خط حدودي لنا معها.

تؤثر عبر مشكلة اللاجئين.

تؤثر عبر أنشطة المنظمات الإرهابية.

وقد أدت تصفية الحسابات بين عدد من القوى الدولية والاقليمية عبر سوريا ودخولهم في صراع نفوذ على هذه الأراضي إلى تجاوز الأزمة منذ البداية كونها مجرد حسابات داخلية

ويسعى عدد من الدول على رأسها روسيا والولايات المتحدة وإيران وإسرائيل إلي منع خروج الصورة النهائية في سوريا بشكل من شأنه إزعاجهم.

فالبعض يرغب في رؤية قوة موالية له كحزب الله في لبنان في الصورة الختامية في سوريا والبعض علي النقيض تماما يقوم بغارات جوية باستمرار لمنع ذلك، والبعض الأخر يرغب في أن تكون سوريا تحت سيطرة الأسد الواقع أصلا تحت سيطرتهم، وآخرون يرغبون في رؤية البي كا كا و الواي بي جي مسيطرين على أجزاء من سوريا وعلى رأسها مناطق النفط.

ما مدى واقعية إدعاءات بعض الأصوات المنسوبة للمعارضة في تركيا بضرورة عدم الاهتمام بسوريا والانسحاب للحدود التركية في حين تسعى دول ليست مجاورة لسوريا كالولايات المتحدة وروسيا وإيران لتشكيل تلك الدولة حسب ما تراه ؟

هل يزول خطر الإرهاب القادم لبلادنا من سوريا وتنتهي مشكلة اللاجئين السورييين عندما تسحب تركيا قواتها من سوريا وتوقف دعمها للجيش الوطني السوري؟

هل يعود اللاجئون السوريون لأراضيهم عندما تتباحث تركيا مع نظام الأسد كما تدعي المعارضة؟

هل سيقول مئات الألاف الذين فروا من إدلب ولجأوا لحدود تركيا : “إن حكومة دمشق التي تفاوضت مع تركيا ستتراجع عن قتلنا على أي حال” قبل أن يعودوا إلي المدن التي عاشوا فيها قبل الحرب كدمشق وحلب وادلب؟

ودعونا لا ننسي أن تركيا شأنها شأن غيرها من الدول يبدأ أمنها ما بعد حدودها.

ولأن روسيا إيران والولايات المتحدة يفكرون من هذا المنطلق فهم يقومون بالعمليات العسكرية في الأراضي السورية.

إن أي معارضة في كل مرة تأتي أخبار استشهاد الجنود الملتحقين بالعمليات العسكرية خارج الحدود من أجل مصالح وأمن شعبهم وبلادهم تطل علينا لتسأل “وما شأن جنودنا في تلك الأراضي؟” في محاولةً اللعب سياسيا هي معارضة غير مسئولة.

هل تواجد القوات التركية في سوريا أقل ضرورةً من تواجد القوات الأمريكية في سوريا والعراق وأفغانستان أو تواجد القوات الفرنسية في مالي وسوريا أو توجد القوات الإيرانية في العراق وسوريا أو تواجد القوات الروسية في سوريا وجورجيا؟

هل عندما يُقتل الجنود الفرنسيين في مالي تخرج المعارضة الفرنسية لتسأل”وما شأننا بمالي؟” وتطالب بسحب القوات من مالي؟

هل يطالب الحزب الديموقراطي المعارض في الولايات المتحدة الأمريكية بسحب القوات من سوريا؟ علي النقيض تعرض الرئيس ترامب لحملة هجومية عندما أعلن عن قراره بسحب القوات من سوريا، لقد ضغطت المعارضة بكل ما في يدها من أوراق للإبقاء على القوات في سوريا وتقديم الدعم لـ بي كا كا و واي بي جي.

لقد فعلت تركيا كل ما في وسعها لإيجاد حل لمشكلة إدلب عبر الحوار قبل أن تتحول لأزمة، وفي هذا الإطار ذهب أردوغان لسوتشي والتقي بالرئيس الروسي بوتين علي الفور عقب فشل القمة الثلاثية المنعقدة في طهران.

إن حل هذه المشكلة بشكل لا يؤدي إلى مآسي إنسانية من جديد ولا يلقي بحمل لاجئين آخرين علي عاتق تركيا كان هو أهم طموحات تركيا، إن الوقت المكتسب من اتفاق سوتشي يجب أن يستخدم لكي يتحول مسار أستانا التي تهدف لحل شامل للمشكلة السورية إلى مسار جينيف كما يجب أن تحل مشكلة إدلب في إطار هذا الحل شامل.

علي أن حلف روسيا-إيران-الأسد قد إختار طريق تصعيد الأزمة دون أية مبالاة بحساسيات تركيا التي أثبتت استعدادها لكل أشكال التعاون في هذه المسألة بدلا من اتخاذ الخطوات اللازمة للحل الدبلوماسي

لم يأتي التراجع الذي انتظروه من تركيا من الحكومة ولكن من المعارضة.

أما عن المشكلة الأساسية فهي أن الذين يوصون بالتراجع خطوة للخلف إما أنهم لا يفكرون أو يتجاهلون تماما كلفة التصرف بهذا الشكل على تركيا.

كمال إنات

[Türkiye-12/02/2020]

تسميات