الدولة والمجتمع والسياسة اكتسبوا مناعة عبر التعرض للاختبار

في فترة ال15 عام الأخيرة حاولت تلك الأوساط التدخل في تركيا عبر عملائها في الداخل، وقد استخدمت تقريبا أغلب البدائل المتاحة لتغيير وقلب نظام الحكم عبر وسائل غير ديمقراطية، وسعت لإشعال صراع بين مجموعات ذات هويات مختلفة...

في الفترة الأخيرة زادت وتيرة التعليقات المرتبطة بانتخابات 2023 في وسائل الإعلام الغربية

 

ويجري الحديث عن أهمية تكتل المعارضة في “جبهة ديمقراطية” واحدة، ومن الأن بدأ الحديث عن أن الأوساط المعادية لأردوغان وحزب العدالة والتنمية يمكنها أن تخرج بنتيجة فقط عبر توظيف هذه الجبهة.

 

وقد تم تخصيص حيز لهذا الموضوع في أخر تقارير مؤسسة راند Rand cooporation، حيث يتم التأكيد في التقرير على إمكانية تداول السلطة في تركيا عبر تنظيم جميع القوى السياسية المعارضة لحزب العدالة والتنمية تحت مسمى “المعارضة الديموقراطية”، ويدور الحديث أيضا عن أخذ الولايات المتحدة الأمريكية زمام المبادرة من أجل تكوين جبهة للمعارضة.

 

وفي الفترة القادمة ستُنشر تباعا تعليقات مشابهة وتطلعات وخرائط طرق شبيهة، فهناك أوساط متعددة تسعى لإرشاد المعارضة الداخلية المتلهفة لذلك من الأساس.

 

ودعونا نوضح الموضوع عبر التطرق لشكل النقاش الدائر داخلياً حول مسألة “الجبهة الديمقراطية”، في وقت قريب زار كمال كيليتشدار أوغلو كتًّاباَ لموقع إنترنت يجمع بعضاً ممن يعرفون أنفسهم كيساريين أو يسار ليبرالي واجتمع معهم لفترة طويلة.

 

وفي أعقاب الاجتماع قام بعض الكتاب المشاركين في الاجتماع بالكشف عن تفاصيل ومحتوى ما دار من حديث تحت عنوان “مقاربة كليتشدار أوغلو للجبهة الديمقراطية”.

 

وطبقا لهذه المقاربة فإنه لابد من “العمل بدقة” لتجميع المعارضين لحزب العدالة والتنمية وتحالف الجمهور حول جبهة واحدة وذلك عبر الحديث عن فقدان مصطلحات “اليمين” و”اليسار” معانيهما في الفترة الحالية، وأكد على أهمية أن تأخذ القطاعات “الواعية” زمام المبادرة وتتوحد تحت راية هذه الجبهة.

 

وقد أثمر “العمل بدقة” في الانتخابات المحلية في الرابع والعشرين من يونيو 2018 والانتخابات المحلية في الواحد والثلاثين من مارس 2019 عبر إشراك حزب الشعوب الديمقراطي في التحالف .

 

ويعتقد الداعمون للجبهة الديمقراطية أن من المهم جدا أن يستمر اتحاد الحزب الجيد iyi parti وحزب الشعوب الديمقراطي HDP حتى 2023 في العمل بدقة، ويكررون أيضا على  ضرورة الحيلولة دون وقوع أي مشكلة حتى لا تتم التضحية بهذا التحالف.

 

وهم أيضا متأكدون من انضمام الأحزاب التي أسسها وسيؤسسها المنشقون عن حزب العدالة والتنمية لتلك الجبهة، وهم على اقتناع بأن وحدة الهدف المتمثل في إسقاط أردوغان كافية لتوحيد تلك القوى، وبالنسبة لهم يمكن تفهم إمكانية تحقق تلك الوحدة من خلال التصريحات القادمة من تلك الأوساط، ومن المعروف أن بعض الأوساط الدولية تميل لتبني خريطة الطريق هذه.

 

وفي فترة ال15 عام الأخيرة حاولت تلك الأوساط التدخل في تركيا عبر عملائها في الداخل، وقد استخدمت تقريبا أغلب البدائل المتاحة لتغيير وقلب نظام الحكم عبر وسائل غير ديمقراطية، وسعت لإشعال صراع بين مجموعات ذات هويات مختلفة عبر أحداث غيزي بارك العنيفة.

 

وسعت أيضا لعزل تركيا دبلوماسيا عبر طرح فكرة أن حزب العدالة والتنمية له أجندة إسلامية، وسعت أيضا لإسقاط كافة مؤسسات الدولة عبر محاولة الانقلاب القضائي والأمني في 17-25 ديسمبر 2013

وسعت أيضا لتركيع الحكومة والدولة عبر الحرب الاقتصادية.

 

وجربت كل الطرق لتقسيم الدولة عبر إرهاب الخنادق والمتاريس، وقد عقدت بروفات الاقتتال الداخلي والفوضى الاجتماعية عبر تفجير القنابل في المدن الكبرى.

 

وحاولت احتلال الدولة وقتل قائدها في ال15 من يوليو 2016.

 

يعني أنهم قد جربوا أغلب الطرق للهجوم ووصلوا للحد الأقصي من العداء ضد أردوغان وحزب العدالة والتنمية.

 

وبهذا المعنى فإن تركيا قد اجتازت كوارث عظمية، ولكنها أثناء كفاحها ضد هذه الاعتداءات واجتيازها لهذه الكوارث كانت قد قطعت مسافات مهمة في طريق المقاومة وطورت من أساليب كفاحها.

 

فقد جُددت مؤسسات الدولة مرة أخري وطُورت آليات قادرة على التغلب وتجاوز الحروب الاقتصادية.

 

اجتازت المؤسسة السياسية والمجتمع الكثير من الاختبارات والمحن، واكتسبت الثقة و الوعي.

وبناءاً عليه لابد من تسليط الضوء علي مسألة التدخلات الجديدة والمبادرات المختلفة التي ستلقى من الخارج وشائعات الانقلاب التي تشغل الأجندة اليومية في الفترة الأخيرة: لقد توصلت الدولة والسياسة والمجتمع لبنية أكثر مناعة ومقاومة مما كانت عليه

 

يعني أن هؤلاء هؤلاء الذين يريدون أن يجربوا ستكون تجاربهم عليهم حسرة وخسران أكبر بكثير من ذي قبل.

 

تسميات