يقوم مكتب السياسة في وقف سيتا بعمل أبحاث حول أهم الموضوعات في السياسة الداخلية آخذا في اعتباره الأبعاد الإقليمية والدولية. وإلى جانب كادر العمل يعمل وقف سيتا مع خبراء وأكاديميين لإعداد أبحاث ودراسات يبنى على نتائجها توصيات سياسية تقدم إلى الرأي العام.

كما تهدف التقارير والتحليلات وتقديرات الموقف التي ينشرها مكتب السياسة إلى إطلاع صناع القرار على موضوعات الأبحاث فإنها كذلك تهدف إلى إحاطة الرأي العام علما بهذه الموضوعات. وفي هذا المسار أيضا تنظم ندوات وورشات عمل ومناقشات حول القضايا الراهنة التي تشغل الرأي العام ليتم تناولها من قبل خبراء لتقييمها وعرضها على الرأي العام.

وتأتي على رأس موضوعات البحث قضايا السياسة الداخلية التركية، الدمقرطة، الأحزاب السياسية، والمسألة الكردية، والنظم السياسية، والسياسات العامة والإدارة الحكيمة التي يركز عليها مكتب السياسة ويتفاعل مع كل جديد فيها في وقف سيتا. تحدث التحليلات الشاملة التي يقوم بها البرنامج حول السياسة التركية أثرا مهما عند كل من صانعي القرار والوسط الأكاديمي والإعلام والرأي العام.

تحميل المزيد

  • إن المساعدات والرسائل المقدمة الى تركيا عقب الزلزال تؤكد في الواقع حقيقة واضحة ومهمة للغاية، وهي أنها استجابة إنسانية للناس خلال أزمة إنسانية خالصة، وعلى الرغم من أن الدول والشعوب تعاني من مشاكل وصراعات وحروب لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مختلفة، إلا أنها تنسى العداوة بينها في مثل هذه الأوقات الصعبة وتحتضن الأخرى من خلال وضع البعد الإنساني في المقدمة.

  • بعد رؤية العمل المحموم في كهرمان مرعش، تعزز اعتقادي بأن بلدنا سوف تلتئم جراحه بسرعة، يتزايد زخم الدولة وتعبئة المساعدات الوطنية لمنطقة الزلزال، كما يستمر بناء مخيمات من الخيام والحاويات.

  • يحلل الكتاب السنوي التقليدي لمركز سيتا والذي يتم اعداده في نهاية كل عام بنود جدول الأعمال الرئيسية لتركيا بمحتوى غني ويوفر منظورا شاملا للسنوات القادمة.

  • يبدو أن الأمور تتجه في معسكر المعارضة بشكل أكبر لصالح ترشيح كمال كليتشدار أوغلو كمرشح للمعارضة للانتخابات الرئاسية ضد الرئيس أردوغان، ولكن لا يبدو أن عملية الترشيح هذه لكمال كليتشدار أوغلو تمت نتيجة توافق ومن الواضح أن كليتشدار أوغلو يحاول فرض نفسه لكونه رئيسا لأكبر حزب معارض (حزب الشعب الجمهوري) وهذا الأمر يبدو أنه لا يعجب الحزب الجيد (الحزب الثاني في المعارضة) الذي فضّل على كليتشدار أوغلو مرة رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو ثم رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش. تحت الطاولة يبدو أن هناك توترا بين أكبر حزبين معارضين في تحالف الأحزاب الستة. كما أن هناك أربعة أحزاب معارضة صغيرة هي المستقبل والديمقراطية والتقدم وحزب السعادة والحزب الديمقراطي ولكن هذه الأحزاب ليس لديها دور كبير في اللعبة داخل تحديد مرشح المعارضة وهذا يثير استياءها. ومع ذلك تلعب هذه الأحزاب دورا في المحافظة على صورة وحدة ستة أحزاب معارضة وهذه صورة مهمة للمعارضة من جهة لأن الصورة هنا تعني حشد أكبر عدد ممكن من الأصوات المتنوعة، كما أننا نتحدث عن تنافس متقارب بين المعارضة والأحزاب الحاكمة (العدالة والتنمية والحركة القومية) لذلك فإن كل 1% من الأصوات له أهمية كبرى. والتطور الأخير هنا أن صورة تحالف المعارضة الموحد بدأت تتعرض للاهتزاز لأنه حتى الآن لم يتم الاتفاق على رؤية موحدة أو مرشح موحد كما أن نظام الانتخابات الجديد الذي تم تحديثه ساهم أيضا في تأزيم مواقف الأحزاب المعارضة ومطالبها بين بعضها بعضا. وطفت على السطح خلافات بين الأحزاب الصغيرة نفسها ومنها حزب المستقبل والحزب الديمقراطي على سبيل المثال، وفي هذا السياق قال تمل كارامولا أوغلو زعيم حزب السعادة أن تحالف الأحزاب المعارضة الستة بدأ يفقد معناه. وقد رأينا أن حزب المستقبل بقيادة أحمد داود أوغلو قد تقدم باقتراح لعلي باباجان رئيس حزب التقدم والديمقراطية لفكرة عمل تحالف ثلاثي معارض آخر مع حزب السعادة لكن حزب باباجان لم يتشجع للفكرة. ويقف باباجان ضد فكرة وجود مرشح مشترك للمعارضة. وعلى كل حال فقد بدأنا نسمع آراء قادة الأحزاب الصغيرة داخل تحالف الأحزاب الستة تخرج بتصريحات فردية في محاولة للإشارة لأهميتها وهي إشارة إلى أن هذه الأحزاب لا تعطى كامل الفرصة لتحقيق مطالبها في تحالف المعارضة ولا يتم التعامل معها بطريقة متناسبة مع نظرتها لنفسها. ربما يعتقد حزب الشعب الجمهوري أن أحزاب مثل السعادة والمستقبل على وجه التحديد لم تحصل على زخم كبير ولم تجذب كتلا واسعة من التيار المحافظ ولذلك يرى أنها هي الأكثر احتياجا لتكون في معسكره، وعلى سبيل المثال يعتقد أن حزب الرفاه الجديد وهو حزب ليس من الأحزاب المعارضة بدأ يتقدم في استطلاعات الرأي ويحصل على دعم من المحافظين ويرى بعض المحللين أن السبب هو في عدم انضمامه لتحالف المعارضة ومحافظته على خطه. يمكننا القول إن هناك حالة فتور بين الأحزاب الكبيرة والأحزاب الصغيرة في تحالف المعارضة وبدأت تزداد ومن البداية كان هناك اختلاف في الأيديولوجيات كما أن هناك اختلاف في التصورات عن الأهمية والقوة والدور، والمكاسب اللاحقة وبالتالي اختلاف على الرؤى والمرشحين. وفي حين أخذت هذه الحالة انشغالا من هذه الأحزاب أكثر من عام فإن تحولهم إلى حال آخر سوف يربكهم أكثر ويضعفهم أكثر وإن بقاءهم أيضا يبدو أنه سيظل محبطا لهم في حال استمرار هذا المشهد. وبالتأكيد تصب هذه الصورة في صالح الرئيس أردوغان وتحالف الشعب الذي يضم حزب العدالة والتنمية والحركة القومية الذي بات يستفيد من هذا المشهد الداخلي ومن المشهد الخارجي الذي جعل كلا من الغرب وروسيا يتنافسان على توفير موقف تركي أقرب إلى كل منهما في سياق الحرب في أوكرانيا.

  • في خطابه أمام المجلس الاستشاري لحزب العدالة والتنمية في إزمير وجه الرئيس أردوغان سؤالًا لزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال قلجدار أوغلو حول ترشحه للانتخابات الرئاسية، الأمر الذي يعد بداية لمرحلة جديدة في تحدي أردوغان لقلجدار أوغلو. وتبطل تصريحات أردوغان فيما يخص أن الانتخابات ستكون في حزيران من 2023 وأن مرشح تحالف الشعب هو أردوغان جدالات  "الانتخابات المبكرة والمرشح الموحد" التي تستخدمها المعارضة منذ فترة. علاوة على ذلك، كان لقيام أردوغان بهذا التحدي في  إزمير التي يمثلها قلجدار أوغلو في مجلس الأمة التركي رمزية. من الواضح أن إعلان أردوغان ترشحه لانتخابات 2023 سيضغط على قلجدار أوغلو وعلى التحالف السداسي المعارض بسؤاله "هل أنت مرشح؟" أو "أين مرشحكم؟" لم يكن الجدال الدائر منذ عام أو عامين حول هوية المرشح المحتمل للمعارضة سببا لإجراء لانتخابات المبكرة وإنما للجدال المبكر حول الانتخابات. على العكس احتلت المنافسة بين المرشحين للترشح داخل حزب الشعب الجمهوري مساحة أكبر على جدول الأعمال. و في الأسابيع الأخيرة كان احتمال ترشح قلجدار أوغلو الذي يتردد بين خطابي المصالحة والتسامح والمحاسبة في ارتفاع متواصل، بينما كانت أسماء إمام أوغلو وياواش في تراجع . حتى أن الكتاب المقربين من المعارضة كانوا منشغلين بقضية إمكانية انتخاب قلجدار أوغلو من الناحية العملية و هويته العلوية التي بدؤوها بأنفسهم. فقد بيّن عضو مجلس الأمة عن حزب الجيد إبراهيم خليل أورال أن الهوية العلوية لقلجدار أوغلو مصدر قلق للأغلبية السنية ومشكلة قد تعيق انتخابه. وعلى إثر ذلك، اعتذرت أكشنر لقلجدار أوغلو قائلة: " أرفض بشدة أي تصريح حول الهوية العلوية بغض النظر عن الشخص المستهدف منها" لهذا، يمكن أن نقول إن مرحلة الانتخابات قد بدأت بالفعل أولًا بسؤال أردوغان "هل أنت مرشح؟"  ثم بسؤال "أنا مرشح فهل أنت مرشح؟" الآن. والآن ستدور الخطابات السياسية للأحزاب حول حقيقة أن مرشح تحالف الشعب معروف ولكن مرشح حزب الشعب الجمهوري أو التحالف السداسي ما زال مجهول. وسيتم تقييم ما إذا كان قلجدار أوغلو لديه الشجاعة ليكون مرشحا بطريقة متعددة الأوجه. بمعنى آخر، من المؤكد أن ما قاله قلجدار أوغلو وما لم يقله بشأن ترشحه سيحتل مساحة أكبر على جدول الأعمال من الآن فصاعدًا. وقد تجد المعارضة صعوبة أكبر من السابق في مواجهة ضغوط الحزب الحاكم لكشف الستار عن مرشحهم. وستفقد حجة "سنحدد المبادئ والسياسات وسنحدد المرشح في وقت قريب من الانتخابات" تأثيرها تدريجياً. كان من المعلوم أن هوية قلجدار أوغلو كانت سببا للجدل في سياق ترشحه في صفوف المعارضة. ودار الحديث عن أن بعض الدوائر تقدم الهوية العلوية لقلجدار أوغلو على أنها ستكون نقطة ضعف له في سباق الترشح للانتخابات لصالح الأسماء الأخرى. حتى أن هذه المسألة كانت تتحول إلى ضغوط مبطنة على قلجدار أوغلو للترشح. بناءً على ذلك، لا بد أن قلجدار كان يعتقد أنه سيكون من الأنسب التحدث عن هويته بنفسه، حيث دخل قلجدار أوغلو في المناقشة بقوله: "لماذا يمكن أن تصبح هويتي محلًا للجدل سياسيًا؟" وكانت تصريحاتأردوغان في هذا الجدال الذي شارك أعضاء حزب الجيد فيه أيضا كالتالي: "إذا كان البعض يهددك بسبب جذورك أو طبيعتك أو هويتك، فهناك حل لذلك؛ فقد تغلبت تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية على كل هذه المشكلات وأنهت التمييز بجميع أشكاله وضمنت المواطنة المتساوية للجميع...ونحن لا نسمح بأن يتعرض أحد للتمييز في هذا البلد. سنقف بجانبك كما نقف مع كل مظلوم وكل ضحية يا سيد كمال." وكان من المهم أن تصريح أردوغان جاء في نفس اليوم الذي اعتذرت فيه أكشنر عما قاله النائب عن حزبها عن الهوية العلوية لقلجدار أوغلو. ولكن الأهمّ كان معارضة أردوغان على اللغة التي همّشت قلجدار أوغلو في دوائر المعارضة بسبب هويته وقوله "نحن نقف بجانبك ضد التمييز." يبدو أن فترة الحملة الانتخابية 2023 والتي أعتقد أنها بدأت، ستكون عاصفة على مستوى الخطابات. ولكن على الأحزاب والسياسيين وقادة الرأي العام بذل جهد خاص حتى لا تتحول هذه المنافسة إلى تهميش للهويات الدينية والعرقية والطائفية.