f الاستقلال في مجال الطاقة | الطاقة | SETA الاستقلال في مجال الطاقة – SETA

الاستقلال في مجال الطاقة

إنّ تركيا دولة قوية ذات أحلام كبرى، لكن قضية الطاقة لطالما مثلت وضعًا مزعجًا لها...

قرأنا وسمعنا تصريحات حول الأهمية الجيوسياسية لتركيا على مدار السنين، لكن كان هناك جانب من هذه القضية لطالما اضطررنا إلى تخطيه، فلسوء الحظ؛ كنا دولة تابعة للخارج من حيث مصادر الطاقة، حيث كنا ننفق ما يقرب من 40 مليار دولار سنويًا من أجل استيراد الطاقة. كنا نعمل ونسعى وننتج، ولكن كنا نعطى جزءًا هامًا من أرباحنا إلى الخارج.

لطالما حلمنا، وأجرينا التجارب، إلا أنَ هذا الأمر على قدر عال من الأهمية لدرجة أنه لا يمكن أن يُترك إلى التجارب وحدها. كانت حكومة الرئيس أردوغان قد نسجت منذ أيامها الأولى خيوط رؤية حول موارد الطاقة المحلية. اتخذت الخطوة الأمتن في هذا السبيل خلال فترة تولي براءت ألبيرق وزارة الطاقة، فبدلًا من البحث والتنقيب بواسطة سفن مستأجرة فقط، اقتنينا سفن التنقيب والمسح السيزمي الخاصة بنا، وبدأنا في البحث المنتظم، منذ هذا التاريخ وحتى الآن. لقد أدركنا أنّ العزم هو مفتاح كل نجاح، فنجحنا، ووصلنا الآن إلى نقطة هامة جدًا بالنسبة لمستقبل البلاد.

إن القضية ليست قضية ربح اقتصادي فقط، فالأهم هو بعدها الاستراتيجي. فلنجري عملية حسابية تقريبية كالتالي:

بلدنا التي تنفق 40 مليار دولار سنويًا من أجل استيراد الطاقة فقط، تخصص ما يقرب من 17 مليار دولار سنويًا للإنفاق العسكري. لو لم نكن دولة تابعة في قضية الطاقة، لربما كنا دولة قادرة على تخصيص 67 مليار دولار سنويًا للإنفاق العسكري وحده.

ستصبح القضية أكثر وضوحًا إذا ما تصورنا أن الإنفاق العسكري السنوي لروسيا في حدود 65 مليار دولار. إن إنفاقًا عسكريًا يُقدر ب 65 مليار دولار قد يحول دولة من قوة إقليمية إلى قوة عالمية، ولكننا كنا مجبرين أن نمنح هذه الأموال إلى الخارج لأعوام.

إنّ تركيا التي شقت طريقها في مجال الإنتاج الوطني والمحلي حتى في ظل هذه الظروف، يمكنها أن تصل إلى نقطة مختلفة تمامًا بفضل موارد الطاقة الخاصة بها في الأعوام المقبلة.

إنّ تركيا دولة قوية ذات أحلام كبرى، لكن قضية الطاقة لطالما مثلت وضعًا مزعجًا لها.

يحمل استقلال تركيا في مجال الطاقة أهمية كبرى من أجل تمكينها من أن تصبح لاعبًا إقليميًا، فقبل خمسة أعوام من الآن كانت تركيا تستورد 40 في المئة من غازها الطبيعي من روسيا وحدها، وكان ذلك يضيق من مجال المناورة في السياسة الخارجية ضد روسيا. وخلال بضعة السنوات الأخيرة تغيرت تلك العلاقة أحادية الاتجاه، وأصبح استيراد الغاز أكثر توازنًا، لكن ذلك لا يضاهي امتلاكنا لمواردنا الخاصة.

دعك من التصدير، لو لبت تركيا احتياجاتها فقط من تلك الموارد، فحتى ذلك وحده سيمنح تركيا موضعًا جديدًا في السياسة العالمية. فهنيئًا لنا جميعًا!

[نُشر بالتركية في جريدة صباح في 22 أغسطس 2020]

تسميات