f مؤتمر ميونيخ وتجديد التحالف في مرحلة ما بعد الجائحة | السياسة الخارجية | SETA مؤتمر ميونيخ وتجديد التحالف في مرحلة ما بعد الجائحة – SETA

مؤتمر ميونيخ وتجديد التحالف في مرحلة ما بعد الجائحة

مؤتمر ميونيخ للأمن هو أحد أهم الأحداث التي تجمع قادة دول العالم معاً لمناقشة تحديات الأمن العالمي. ويبرز تقريره النهائي الذي يصدره في كل عام الاتجاهات الحاسمة في الأمن العالمي.

مؤتمر ميونيخ للأمن هو أحد أهم الأحداث التي تجمع قادة دول العالم معاً لمناقشة تحديات الأمن العالمي. ويبرز تقريره النهائي الذي يصدره في كل عام الاتجاهات الحاسمة في الأمن العالمي.

وفي هذا العام تم في مؤتمر ميونيخ فحص الجوانب المتعددة الأبعاد لوباء الفيروس المستجد بدقة. في حين أظهر تقرير العام الماضي الاضطراب العالمي في مرحلة “تراجع نفوذ الغرب”، وحث الجهات الفاعلة الدولية على التعاون بشكل أكبر لمواجهة التحديات التي قد تظهر بسبب الفراغ الذي خلفه ضعف التزامات دول حلف شمال الأطلسي.

وجاء شكل المؤتمر الذي نُظّم هذا العام أيضاً عبر الإنترنت، متوافقاً مع روح العصر وظروف الوباء.

وكان خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن من أهم فعالياته حيث شارك بايدن سابقاً في هذا التجمع العالمي كعضو في مجلس الشيوخ الأمريكي وكنائب للرئيس.

وبعد أربع سنوات من رئاسة دونالد ترامب الذي كرس في سياسته الخارجية مبدأ “أمريكا أولاً”، اكتسبت الرسائل التي بعث بها بايدن معنى عميقاً، ووضع خطابه التعددية ومستقبل حلف شمال الأطلسي على المحك بعد التدهور المذهل الذي أصاب هذه المفاهيم خلال رئاسة ترامب.

وبعث بايدن كما كان متوقعاً، برسائل قوية لشركاء وحلفاء أوروبيين، أشارت في مجملها إلى عودة الولايات المتحدة بصفتها الفاعل الرئيسي للدبلوماسية العالمية وزعيمة التحالف الغربي.

كذلك صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بعبارات مماثلة سلطت الضوء على أهمية التحالف عبر الأطلسي في التعامل مع التحديات الجديدة التي يواجهها العالم.

في المقابل شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الاستقلال الاستراتيجي للأمن الأوروبي والسياسة الخارجية.

كما ألقى تزايد النفوذ الصيني وعدم القدرة على التنبؤ بسبب العواقب المحتملة للوباء بظلال مؤثرة على المؤتمر.

ومن أبرز المواضيع المشتركة التي ركز عليها بايدن والقادة الأوروبيون:

نهاية دبلوماسية “أمريكا أولاً” واتخاذ خطوات مشتركة بسبب تنامي القوة الصينية والتعامل مع تحديات صعود الأنظمة الاستبدادية وانتشار الفساد وتجديد الجهود للعودة إلى التعددية وتحسين التعاون والتضامن لمواجهة التحديات العالمية والدعم العالمي للتغلب على الوباء.

ومع ذلك، فإن هذه الرسائل العامة لا تعني الكثير إذا لم يتخذ الفاعلون الرئيسيون خطوات أكثر واقعية للتعامل معها.

ومن المؤكد أن عواقب الوباء ستؤثر بشكل متباين على السكان في البلدان المتخلفة. وقد أثر الوباء بالفعل على سكان البلدان التي مزقتها الحرب مثل اليمن وسوريا وأفغانستان والصومال وكذلك البلدان التي ليس لديها بنية تحتية صحية.

بل إن أفكار التعددية والتضامن العالمي كانت غير كافية للتغلب على مشاكل التعاون بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكان نهج التعامل مع الوباء مخيبا للآمال بنفس القدر.

وجاءت قرارات بايدن بإعادة الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ، والعودة إلى منظمة الصحة العالمية، ومشاركة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتمديد اتفاقية تخفيض الأسلحة الاستراتيجية الجديدة والاستعداد لإعادة بدء الاتفاق النووي الإيراني كمجموعة من الخطوات الصحيحة نحو المزيد من التعاون متعدد الأطراف.

لكن قادة العالم يحتاجون من أجل معالجة الأزمات المتصاعدة، إلى إيجاد نهج أكثر إبداعاً وشمولية، إذ لم يأت المؤتمر على ذكر أي إطار ملموس لدعم البلدان النامية.

وبالرغم من حالة الإجماع العام على أن البلدان المتخلفة في أفريقيا وآسيا بحاجة إلى المساعدة وأن عدم استقرارها قد يؤثر على أمن واستقرار العالم بأسره، إلا أنه لم يتم الاتفاق على إطار سياسي متين من قبل الجهات الفاعلة المهمة.

إلى جانب ما سبق، أشارت رسائل بايدن إلى معركة أيديولوجية تضع فكرة “رابطة الديمقراطيات” في مواجهة “القوى الاستبدادية الصاعدة”. حيث عرض الرئيس الأمريكي قيادة أمريكية أكثر مسؤولية ووعد بتعزيز الشكل الليبرالي للتعددية وتوقع من الدول الأخرى الالتزام بهذه الفكرة. كما أيدت ميركل فكرة تعزيز التعاون عبر الأطلسي وإيجاد نهج مشترك في التعامل مع تحديات الصين وروسيا.

وليس من الواضح ما إذا كانت رسالة بايدن في مؤتمر ميونيخ تستهدف الدول الأوروبية الفاعلة التي لم تكن راضية عن سياسات ترامب الأنانية، أو ما إذا كان بيان بايدن يستهدف الصين وروسيا والجهات الفاعلة الأخرى التي تحاول توسيع نفوذها على حساب الفراغ الذي أحدثته رئاسة ترامب.

وفي كل الأحوال فإن موسكو وبكين أظهرتا غضبهما بعد أن استهدفتهما تصريحات بايدن الجريئة. في حين أشاد القادة الأوروبيون بتصريحات بايدن بحذر فضلاً عن قلق أصدقاء موسكو وبكين وترامب المستبدين من تغير الخطاب في واشنطن.

ومن المنتظر في الأشهر المقبلة أن تهيمن مواضيع اللقاحات والبنية التحتية الطبية وخطط التعافي الاقتصادي ومساعدات التنمية والتحديات الناتجة عن زيادة البطالة العالمية، على أجندة السياسة الدولية.

وسيكون لدى الدول القادرة على مواجهة هذه التحديات بكفاءة أفضل وبشروط أقل، فرص أكبر في أن تصبح فاعلةً أكثر وذات تأثير أعمق في السياسة العالمية. كما أن تعددية الأطراف هي الحل الأمثل لمواجهة الصعوبات التي سببها الوباء.

تسميات