f هل ستنتهي التوترات المتصاعدة في منطقة الخليج؟ | عام | SETA هل ستنتهي التوترات المتصاعدة في منطقة الخليج؟ – SETA

هل ستنتهي التوترات المتصاعدة في منطقة الخليج؟

أدركت السلطات السعودية أن الصعود الإماراتي يأتي على حسابهم. وبسبب التباين في المصالح بين السعودية والإمارات بدأت المواجهة بين البلدين في الاحتدام. اليوم تختلف الدولتان حول العديد من القضايا الإقليمية مثل المصالحة مع قطر، والتطبيع مع إسرائيل، والعلاقات مع العراق، والسياسة المتبعة إزاء الأزمة اليمنية، والقضية الفلسطينية.

لقد كان مجلس التعاون لدول الخليج العربي المعروف عموماً باسم مجلس التعاون الخليجي والذي تم تأسيسه عام 1981 أحد أنجح المنظمات الدولية ومسارات التكامل الإقليمي في الشرق الأوسط حتى اندلاع الثورات وحركات التمرد العربية. ويتكون المجلس الذي يقع مقره في العاصمة السعودية الرياض من ست ملكيات هم السعودية، والإمارات، وقطر، والكويت، وعمان، والبحرين. ويعتبر مجال أنشطة المجلس واسع إلى حد بعيد، حيث يشمل التعاون في مجالات التجارة، والسياحة، والصناعة، والزراعة والإدارة، والعلوم، والتكنولوجيا، والتطوير، والمجال المالي، والعسكري.

الأهداف الرئيسية

في بداية القرن الحادي والعشرين حدد مجلس التعاون الخليجي ثلاثة اهداف رئيسة ليتم تحقيقها خلال عقد من الزمان من اجل تحسين عملية التكامل بين الدول الأعضاء: الاتحاد الجمركي في عام 2003، والسوق المشتركة عام 2007، والعملة الموحدة في عام 2010. إلا أن أيا من تلك الأهداف لم يتم تحقيقها.  فمن ناحية أعلنت عمان انه لن يكون بوسعها أن تطابق المعايير المتعلقة بالعملة الموحدة، ومن ناحية أخرى انسحبت الإمارات من مشروع العملة الموحدة، ويرجع ذلك في الأساس إلى الإعلان عن أن البنك المركزي للاتحاد المالي سيكون في السعودية. حيث رغبت الإمارات أن يكون البنك المركزي في أبو ظبي أو دبي.

وفي أعقاب التمردات والثورات العربية اقترحت السعودية تحويل مجلس التعاون الخليجي إلى “اتحاد خليجي” بحيث لا يقتصر الأمر على التنسيق الاقتصادي فحسب، بل يمتد ليشمل التعاون السياسي والعسكري لموازنة كل من التهديد الإيراني والآثار المدمرة للربيع العربي.

الخلاف بين الأعضاء

بينما دعمت بعض الدول الأعضاء مثل البحرين المقترح السعودي لتعزيز الأبعاد السياسية والعسكرية للمنظمة، رفضت بعض الدول الأعضاء الفكرة مثل قطر. وقد شهد أعضاء مجلس التعاون الخليجي أول خلاف حقيقي عام 2014 عندما قامت السعودية والإمارات والبحرين باستدعاء سفراءهم في قطر، بسبب الدعم القطري للتيارات الرئيسية في الثورات العربية على طول العالم العربي بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين.

كان هناك هوة متزايدة بين السياسة الخارجية القطرية والسياسة الخارجية للسعودية والإمارات. فبالرغم من كونها دولة أصغر بكثير إلا أن قطر برزت كلاعب إقليمي فعال، وكمنافس للسعودية والإمارات، عبر اتباع سياسة خارجية أكثر استقلالية.

عندما أصرت قطر على اتخاذ مبادرات إقليمية واتباع سياسة خارجية مستقلة قررت بقية دول المجلس اتخاذ خطوات أبعد. وقد اتخذت السعودية والإمارات والبحرين خطوة هامة عام 2017 عندما قاموا رسمياً بقطع علاقاتهم الدبلوماسية مع قطر مدعيين أن قطر كانت تدعم جماعات إرهابية وطائفية هدفت إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.

لاحقا فرضت تلك الدول الثلاث حصاراً على قطر حتى أنها قد حاولت الإطاحة بالحكومة القطرية. وقد قاومت قطر كل أنواع الضغط من الدول الأخرى في المجلس بدعم من تركيا وبعض الدول الأخرى. لقد كان هناك توافق شبه كامل بين السعودية والإمارات إزاء التطورات الإقليمية بما فيها اقصاء الدولة القطرية، ومواجهة تركيا وإيران، وتحالف الأمر الواقع مع إسرائيل، والتدخل في الأزمات الإقليمية مثل ليبيا واليمن، ومعاقبة الحركات الثورية في العالم العربي مثل جماعة الإخوان. بعبارة أخرى؛ كان هناك إجماع على سرديات استراتيجيتهم الكبرى خلال مرحلة ما بعد الربيع العربي ممثلة في دعم الثورة المضادة والحركات المعادية للتيار الإسلامي.

رياح التغيير

بدأت السعودية والإمارات في معاداة بعضهما البعض عقب عدم الاستقرار الذي ساد العالم العربي طيلة الأعوام الماضية. فمؤخراً أدركت السلطات السعودية أن الصعود الإماراتي يأتي على حسابها. وبسبب التباين في المصالح بين السعودية والإمارات بدأت المواجهة بين البلدين في الاحتدام. اليوم تختلف الدولتان حول العديد من القضايا الإقليمية مثل المصالحة مع قطر، والتطبيع مع إسرائيل، والعلاقات مع العراق، والسياسة المتبعة إزاء الأزمة اليمنية، والقضية الفلسطينية.

عقب قمة مجلس التعاون الخليجي في العلا بدأت السعودية في تطبيع علاقاتها مع قطر. إلا أن الإمارات ترفض مصالحة ناجحة بين الرياض والدوحة ذلك أن تحسن العلاقات السعودية-القطرية قد يكلف الإمارات بصورة بالغة.

علاوة على ذلك؛ بينما لا تستطيع قطر منافسة السعودية، فإن لديها القدرة على تحدي الفاعلية الإقليمية للإمارات. لذلك فالإمارات تتبني موقفاً أكثر سلبية تجاه قطر. ويختلف منظور السعودية إزاء التطبيع مع إسرائيل عنه عند الإمارات، فالإمارات باعتبار نظامها المعادي للتيارات الإسلامية مستعدة لبدء عملية تطبيع كامل مع إسرائيل والضغط على السعودية للقيام بالأمر نفسه. ولكن السعودية التي تستضيف أقدس المزارات الإسلامية عليها أن تكون أكثر حذراً في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. وهناك مجموعات دينية قوية في السعودية ترفض بشدة التطبيع الكامل للعلاقات مع إسرائيل، إذاً من الصعب على السعودية أن تربطها علاقات رسمية بإسرائيل ما دامت إسرائيل مستمرة في سياساتها المعادية للعرب والإسلام.

السعودية على عكس الإمارات لا ترغب في قطع علاقاتها بالفاعلين السياسيين الفلسطينيين بما فيهم حماس. على سبيل المثال، سمحت السلطات السعودية لخالد مشعل القيادي في حركة حماس بالظهور في قناة العربية السعودية. حيث ترغب الرياض أن يكون لها كلمة في السياسة الفلسطينية.

الصراع الاقتصادي

كانت الإمارات تسعى إلى أن تكون المركز الرئيسي للتجارة والأعمال في المنطقة وأن تحتكر الاقتصاد الإقليمي. السعودية على اعتبارها الاقتصاد الأضخم في الخليج بدأت في اتخاذ إجراءات ضد التحركات الاقتصادية الإماراتية.

في هذا السياق قامت السعودية مؤخراُ بتعديل القواعد المفروضة على الواردات القادمة من دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، لاستبعاد السلع المصنعة في المناطق الحرة أو تلك التي تستخدم مدخلات إسرائيلية من امتيازات التعريفة التفضيلية. بالإضافة إلى ذلك كان عبد العزيز بن سلمان وزير النفط السعودي قد انتقد الإمارات لتعطيلها صفقة أوبك+.

هناك تنافس على المستوى الشخصي كذلك؛

العلاقات بين ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان كانت أحد الأسباب الرئيسية للتناغم في وجهات النظر الإقليمية للسعودية والإمارات. ففي البداية كان لمحمد بن زايد تأثير كبير على محمد بن سلمان. فقد كان محمد بن زايد هو من قدم بن سلمان للدوائر الغربية. إلا أن العلاقات بين وليا العهد قد تدهورت مؤخراً. وإذا تفاقمت أكثر فسوف تخسر الإمارات الداعم الرئيسي لها في التدخلات الإقليمية ذلك أن القائد الفعلي للقوة المهيمنة في الخليج محمد بن سلمان سيشكل عاجلاً أو أجلاً تحدياً لنفوذ بن زايد.

فوق كل شيء؛ العقلية الإماراتية صفرية المجموع والرؤية الطموحة لبن زايد مستمرة في تقويض البراغماتية السعودية وتدمير فاعليتها في السياسة الخارجية. ويبدو أن العلاقات الوطيدة بين الرياض والسعودية في مرحلة ما بعد الربيع العربي ليست مستدامة.

ستحتدم الأزمة بين البلدين بسبب العديد من الخلافات بينهما وهو ما قد يسبب تغير شامل في المعايير والتحالفات في منطقة الخليج العربي.

تسميات