f قصة حزب العدالة والتنمية وسياسة أردوغان | السياسة المحلية | SETA قصة حزب العدالة والتنمية وسياسة أردوغان – SETA

قصة حزب العدالة والتنمية وسياسة أردوغان

يحتفل حزب العدالة والتنمية بمرور 19 عامًا على تأسيسه، أمضى 18 عاماً من تلك المدة منفردًا بالسلطة، وقدم أداء لم يُوفق أي حزب خلال الحياة السياسية التركية التي سادتها التعددية الحزبية في أن يقدمه...

يحتفل حزب العدالة والتنمية بمرور 19 عامًا على تأسيسه، أمضى 18 عاماً من تلك المدة منفردًا بالسلطة، وقدم أداء لم يُوفق أي حزب خلال الحياة السياسية التركية التي سادتها التعددية الحزبية في أن يقدمه. مع الوقت أصبح هذا الأداء بؤرة الجدل.

قُدم الحزب كـ “نموذج” للعالم الإسلامي في الإعلام الغربي حتى مطلع العقد الثاني من هذا القرن. أذهل الصمود الذي أبداه حزب العدالة والتنمية في الأعوام السبعة الأخيرة مؤيديه ومعارضيه على حد سواء، فيما استسلمت المنطقة من حولنا للحروب الأهلية والاضطرابات بعد الثورات العربية. تخطى الحزب الأزمات التي تسببت في الإطاحة بالحكومات في العديد من الدول بنجاح.

بدأ النقاش حول الحزب في التحول إلى نقاش سلبي كلما اتضح عزمه على الدفاع عن “مصالح تركيا القومية”. عجزت جماعات النخبة الاستراتيجية التي غيرت ولاءها خلال الأزمات التي واجهتها بلادنا عن العثور على حل، غير تصوير العدالة والتنمية -الذي لم يتمكنوا من الإطاحة به بكل السبل- كحزب “سلطوي”.

في أغلب الأحيان تصعب الدوافع ” الأيدولوجية والمعارضة” لتلك الجدالات من فهم هذا “النجاح الاستثنائي” للحزب الذي أنهى 15 استحقاقًا انتخابيًا متقدمًا بفارق ملحوظ عن أقرب منافسيه.

يظن بعض المعارضين أنهم يحجمون قائد حزب العدالة والتنمية أردوغان -الذي يقولون في كل استحقاق انتخابي أنه سيرحل- عبر الإشارة إلى مهاراته السياسية. إلا أن أردوغان عرف كيف يدهش معارضيه دائمًا بمرونته وواقعتيه، وديناميكيته، ورؤيته في قراءة الظروف الراهنة، وإنجازاته.

اختار أردوغان المخاطرة خلال إجراء الإصلاحات، وإدارة التوترات، وعرف كيف يوقف الانفتاح عندما يتحول ضد مصلحة البلاد. أبدى عزمًا لا يكل في مجابهة بؤر الوصاية الداخلية، سواء كانت من الكماليين أو من أتباع تنظيم فتح الله كولن. لم يتردد في القيام بالتحركات التي تتطلبها الثقة والحجة في السياسة الخارجية، وما مبادراته في سوريا والعراق وليبيا وشرق المتوسط إلا أمثلة على ذلك.

علق صيغ التحالف المتعطلة من أجل مراجعتها، وأعطى الأولوية للتعاون والدبلوماسية حتى وإن أظهر القوة الخشنة أحيانًا. وقد كان هذا هو ملخص العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا واللاعبين الأخرين. لطالما كان أردوغان أخر طرف يختار التوتر في العلاقات. لم يرضخ للحملات الأيدولوجية أثناء فترات التوتر.

وضع حزب العدالة والتنمية رفاهية الشعب وسلامة البلاد في مركز سياسته. وأصبحت السياسات التي أنتجتها خطابات “الديموقراطية المحافظة” و”حضارتنا” و”الوقفة القومية الوطنية” عنوانًا للقصة التي كتبها.

وتلخص الكلمات التالية لأردوغان القصة:

“يمتلك حزب العدالة والتنمية هوية حزب يحقق أحلام الشعب التركي، ويحيي آمال الأمة الإسلامية، ويفتح أبوابًا أمام الإنسانية.”

أما تركيبة سياسة أردوغان فقد لخصها كالتالي:

“إن هذه الدعوى هي قلب الدولة السلجوقية، وضمير الدولة العثمانية، وعقل الجمهورية التركية.”

بالطبع لم تقتضي القصة سياسات راكدة بل ديناميكية، إذ تتضمن القصة الإصلاح والنضال والتعاون والمحاسبة. إنكم لا تستطيعون كتابة حكايتكم وحدكم. نعم، أحلامكم ترشدكم، ولكن الأصل هو إدارة الواقع. ومطالبكم للوحدة ذات قيمة، ولكن اختيارات الأخرين هي من تحدد النتيجة.

لقد جازف أردوغان بالتوتر مع الغرب عندما أعاقت بعض الدول الأوروبية هدف تركيا المتمثل في التكامل مع الاتحاد الأوروبي اعتبارا من 2007، وحينما قدمت تلك الدول الدعم لتنظيم بي كا كا وتنظيم فتح الله كولن، وعندما وقفت إلى جانب مطالب اليونان الجامحة في شرق المتوسط، وعندما سلحت واشنطن بي كا كا وواي بي جي. إننا لا يمكننا الإبقاء على اللاعبين الذين لم يتوقفوا عن الإرهاب خلال مرحلة الحل.

لقد بقي “جعل تركيا قوية وكبيرة” هو الحافز الرئيسي لقصة حزب العدالة والتنمية.

بالنهاية؛ إن القصة التي تكتب دون مواجهة حقيقة العالم لن تكتفي بأن تبقى عبارة عن تمنيات فقط، ولكن قد تكدر حياتكم، بل وقد تنهيها.

[نُشر بالتركية في جريدة صباح في 14 أغسطس 2020]

تسميات