f هل تستطيع تركيا تحقيق التوازن السياسي من خلال الدبلوماسية؟ | السياسة الخارجية | SETA هل تستطيع تركيا تحقيق التوازن السياسي من خلال الدبلوماسية؟ – SETA

هل تستطيع تركيا تحقيق التوازن السياسي من خلال الدبلوماسية؟

هدف تركيا الدائم هو مواصلة العمل الدبلوماسي باستمرار كلما تعلق الأمر بمعالجة القضايا الهامة من خفض التوترات مع اليونان عبر المفاوضات، وبدء المحادثات القبرصية وتنظيم مؤتمر إقليمي حول شرق البحر المتوسط والشروع بالتفاوض من جديد حول مسألة اللاجئين وتحرير التأشيرات وتحديث الاتحاد الجمركي. ومن أهم القضايا المدرجة على جدول أعمال أنقرة في هذا السياق، انتهاج بداية جديدة مع الاتحاد الأوروبي حيث تترقب البلاد زيارة وشيكة لرؤساء المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية إلى تركيا.

هدف تركيا الدائم هو مواصلة العمل الدبلوماسي باستمرار كلما تعلق الأمر بمعالجة القضايا الهامة من خفض التوترات مع اليونان عبر المفاوضات، وبدء المحادثات القبرصية وتنظيم مؤتمر إقليمي حول شرق البحر المتوسط والشروع بالتفاوض من جديد حول مسألة اللاجئين وتحرير التأشيرات وتحديث الاتحاد الجمركي. ومن أهم القضايا المدرجة على جدول أعمال أنقرة في هذا السياق، انتهاج بداية جديدة مع الاتحاد الأوروبي حيث تترقب البلاد زيارة وشيكة لرؤساء المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية إلى تركيا.

لكن الإعلام الأوروبي يشكك في صدق الرئيس رجب طيب أردوغان، ويزعم بعض المراقبين أن الاتحاد الأوروبي سيبني سياسته تجاه تركيا على نهج الإدارة الأمريكية الجديدة، مضيفين أن واشنطن وبروكسل ستنسقان معاً بطريقة تكبشح جموح أنقرة وتحشرها في زاوية ضيقة وتحرم الأتراك من فرصة تبني سياسات تعكس توازن القوى.

ويبرر هؤلاء المشككون ادعاءاتهم بالقول إن تركيا لم يعد بإمكانها تحقيق توازن بين الولايات المتحدة وروسيا. ويبدو لي أن مثل هذه التأكيدات تفتقر إلى فهم أساسي لسياسة الواقع فضلاً عن أن المدافعين عن مثل هذه الآراء لا يدركون التحديات التي تواجه السياسة الأمريكية الجديدة في خطتها لاستعادة دورها في القيادة العالمية. كما أنهم لا يأخذون في الاعتبار ردود الفعل الروسية والصينية، ولا حتى المصالح الجيوسياسية المتباينة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

من الواضح للعالم أن توازن قوى جديد يدخل حيز التنفيذ بين القوى العظمى في خطوات ستؤدي لا شك إلى خلق المزيد من التوترات الجديدة المصحوبة بالفرص أيضاً. وتركيا تمتلك بكل تأكيد ما يلزم للتكيف مع التوازن الجديد، بفضل التقدم الذي أحرزته خلال السنوات الأربع الماضية.

وليس سراً القول إن الرئيس الأمريكي جو بايدن على عكس سلفه دونالد ترامب، يتطلع إلى إصلاح علاقة واشنطن مع الناتو وتسعى الإدارة الأمريكية الجديدة إلى تقوية وتوحيد التحالف الغربي من خلال تعزيز قيم مثل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.

لكن ما يهم حقاً هو ما إذا كانت هذه القيم ستلاقي المصالح الجيوسياسية المشتركة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالفعل. كما أنه من المستبعد أن تتمكن واشنطن وبروكسل من الاتفاق بسرعة وسهولة على سياسة مفيدة للطرفين فيما يتعلق بالصين وروسيا.

وإذا ما حاولت الولايات المتحدة فرض سياستها الخاصة بالاحتواء تجاه الدول الأوروبية، فمن المؤكد أن الانقسامات بين أعضاء الاتحاد الأوروبي سوف تتعمق.

وما مدى احتمال أن تتخلى ألمانيا عن نورد ستريم 2؟ بل ما هو رد الفعل الروسي المتوقع على انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى الناتو؟ وماذا سنفعل حيال المناطق التي تسيطر عليها روسيا داخل حدود الدول؟

وهل هناك طريقة تجعل دول أوروبا الشرقية تتغلب على خوفها من روسيا؟ وهل الاحتواء الروسي العدواني سيدفع موسكو وبكين إلى التقارب؟ هذه فقط بعض الأسئلة العديدة التي تؤثر إجاباتها على الخطوات المرتقبة.

ومؤخراً قام جوزيب بوريل الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، بتذكير الجميع بأن عهداً جديداً في أوروبا يوشك أن يبدأ، وحذر من أنه لن تكون هناك عودة إلى عهد باراك أوباما في العلاقات عبر الأطلسي. فما هي المصالح التي يجب أن تحققها الشروط الجديدة للتحالف عبر الأطلسي بشكل أساسي؟ لا شك أن الإجابة تعتمد على روسيا وتركيا.

من المؤكد أن إعادة ضبط العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي من شأنها أن تعزز قوة بروكسل وأنقرة في التعامل مع واشنطن. وبالرغم من أن اختيار حكومة بايدن يشير إلى أن تركيا والولايات المتحدة تواجهان مشاكل فيما يتعلق بـ ي ب ك/بي كا كا ونظام الدفاع الجوي إس-400، لكن تركيا تدرك احتمالية أن يتبنى بايدن سياسة تنتقد أنقرة أو حتى تضغط عليها.

دبلوماسية الصبر

لطالما أكدت في مقالاتي السابقة على أهمية الصبر والدبلوماسية المثابرة في معالجة القضايا الحساسة. فإذا قفزت بروكسل إلى عربة واشنطن وانخرطت في سياساتها المضللة، فإن مصالح أوروبا الخاصة ستكون في خطر. وسيخسر الأوروبيون أيما خسارة إذا ما تصاعدت التوترات بين تركيا والتحالف الغربي، وهو وضع يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على مكافحة الإرهاب والهجرة والتجارة وقضايا أخرى.

ولنتذكر تأثير الحرب الأهلية السورية على أوروبا وما نتج عنها من صعود الشعبوية والهجمات الإرهابية وموجات اللاجئين. وهذا يؤكد مرة أخرى على أن تركيا تتمتع بأهمية حيوية في إنجاح خطة واشنطن المحتملة لاحتواء روسيا في إطار الناتو.

في الوقت نفسه، الدور الذي تلعبه أنقرة في المنطقة الممتدة من أوروبا الشرقية والبحر المتوسط إلى البحر الأسود وجنوب القوقاز ازداد أهمية عن السابق.

ويبقى احتمال وقوع توترات واضطرابات على مدى السنوات الأربع المقبلة قائماً، لكن تركيا ليس لديها سبب للتشاؤم إذ ستظل الفرصة سانحة أمام البلاد لمتابعة سياسة توازن القوى بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا. وقد يكون هذا السعي أكثر صعوبة مما كان عليه في سنوات ترامب، لكنه لا يزال ممكناً.

نحن نوصي بإصلاح العلاقة التركية الأمريكية، كما يجب أن نكون مستعدين لجميع الخيارات.

تسميات