f
تجاوزت أيام العدوان الإسرائيلي على غزة بعد 7 أكتوبر تشرين الأول 2023 أكثر من 100 يوم ولا تزال حكومة الاحتلال وجيشها غير قادرين على تحقيق الأهداف التي قاموا بوضعها والتي شملت تدمير بنية المقاومة إذ أنه في لحظات كتابة هذا المقال مساء 29 يناير كانون الثاني 2024 كانت رشقة صاروخية تنطلق من غزة باتجاه تل أبيب. كما أن الاحتلال لم يستطع أن يحرر بالقوة أي من الأسرى الذين احتفظت بهم المقاومة الفلسطينية منذ 7 أكتوبر تشرين الأول بل على العكس فقد عشرات منهم حياتهم بسبب قصف وعمليات الجيش الإسرائيلي المدمر على غزة.
منذ انطلاقتها حتى يومنا هذا تَطوَّر موقف الحركة السياسي بشكل مرن مع محافظتها على الكثير من الثوابت وأهمها عدم الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني، وعدم التنازل عن أي جزء من أرض فلسطين.
تواجه خيارات الاحتلال تجاه غزة رفضاً فلسطينياً وإقليمياً، وفي بعض الأحيان أمريكياً وغربياً، وبالتالي هي لا تكرس سوى التخبط ولا يمكن أن يوجد استقرار نسبي إلا إذا حصل تحسن في الوضع عمّا كانت تعيشه القضية الفلسطينية قبل 7 أكتوبر.
يمكن القول إن حماس قد أخلت بالتوازنات في القضية الفلسطينية الإسرائيلية بهجومها الفعال. ويمكن قراءة هذا التطور على أنه هجوم له آثار إقليمية وعالمية. لأنه أثر بعمق على السياسات الخارجية ليس فقط لإسرائيل، ولكن أيضا للدول الغربية. في عام 2024، من ناحية، سيواصل المجتمع الدولي دعم "الانتفاضة العالمية" التي بدأتها حماس والحديث عن إسرائيل كمشكلة. ومن ناحية أخرى، ستواصل الدول والجهات الفاعلة غير الحكومية التي تريد تطبيق معايير النظام العالمي البحث عن طرق لردع سياسة إسرائيل التوسعية والعدوانية المتهورة بدعم من الغرب.
حتى لو التزم القادة الصمت أو تراجعوا، فإن المظاهرات الفلسطينية في الدول الأوروبية تظهر أن الناس لن ينسوا المجزرة الإسرائيلية في غزة وسيحملون حكوماتهم المسؤولية عنها. إن إطلاق النار على المستشفيات وقتل الأطفال والنساء أمام أعين العالم بأسره خلق جروحا عميقة في الضمير الإنساني.