f وزير الدفاع خلوصي أكار: “الأمن القومي يبدأ خارج حدود البلاد” | الاستراتيجية | SETA وزير الدفاع خلوصي أكار: “الأمن القومي يبدأ خارج حدود البلاد” – SETA

وزير الدفاع خلوصي أكار: “الأمن القومي يبدأ خارج حدود البلاد”

تحدثنا مع الوزير أكار الذي أدلى بتصريحات شاملة حول سياسة تركيا الأمنية والدفاعية، والتحول الذي يشهده الجيش التركي ، والأزمة السورية، والحرب على الإرهاب ، وتسلح اليونان العدواني، وعلاقات تركيا مع الناتو والولايات المتحدة. 

تحدثنا مع الوزير أكار الذي أدلى بتصريحات شاملة حول سياسة تركيا الأمنية والدفاعية، والتحول الذي يشهده الجيش التركي ، والأزمة السورية، والحرب على الإرهاب ، وتسلح اليونان العدواني، وعلاقات تركيا مع الناتو والولايات المتحدة.

تمر منطقتنا بمرحلة تتضح فيها معالم التصدعات الجيوسياسية يومًا بعد الآخر، وفي هذا السياق، فإن موضوعنا في المقابلة هو الدفاع والأمن في تركيا، وضيفنا فيها هو وزير الدفاع  التركي خلوصي أكار، حيث  ناقشنا الوزير أكار الذي أدلى بتصريحات شاملة حول سياسة الدفاع والأمن الوطنية التركية، والتحول في الجيش التركي ، والأزمة السورية، و والحرب على الإرهاب، والتسلح العدواني لليونان، وعلاقات تركيا  مع الناتو والولايات المتحدة في مرحلة  تتزايد فيها نزاعات القوى الجيوسياسية، والصراعات وأخطارها، وترتفع فيه أعداد وأنشطة المنظمات الإرهابية والجهات الفاعلة بالوكالة، ويتم استخدام تقنيات الحرب الهجينة بكثافة.

في هذه الأيام التي أصبحت فيها التصدعات الجيوسياسية في منطقتنا أكثر وضوحا، ينصب تركيزنا على الدفاع والأمن في تركيا، وضيفنا هو وزير الدفاع الوطني خلوصي أكار. الوزير أكار، الذي أدلى بتصريحات شاملة حول سياسة الدفاع والأمن الوطني لتركيا في وقت تتزايد فيه الصراعات الجيوسياسية على السلطة والصراعات وخطر الصراع، وعدد وأنشطة المنظمات الإرهابية والجهات الفاعلة بالوكالة، ويتم استخدام تقنيات الحرب الهجينة بشكل مكثف، وناقشنا تحول جيشنا، والأزمة السورية، وكفاحنا ضد الإرهاب، والتسليح العدواني لليونان، وعلاقاتنا مع حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

مقابلة: برهان الدين دوران

 يشهد النظام الدولي مسارًا تحوليًا  تبدو  فيه عناصر القوة العسكرية أكثر حسمًا في النتائج مما كانت عليه فيما سبق… بصفتك وزيرًا للدفاع الوطني، كيف تفسر في الإطار العام عملية التحول العالمي وصراع القوى  الجيوسياسي التي خلقها هذا المسار؟   

إن  مناخ انعدام الأمن العالمي في هذه المرحلة   هو منتج  لتحديات متعددة الأوجه وأكثر تعقيدًا وغموضًا لكل من البلدان والتحالفات القائمة، مما جعل جميع الدول الآن تضع الحاجة إلى الأمن والدفاع على رأس أولوياتها.

ولما كانت تركيا قد أصبحت قوة إقليمية وعالمية في محيطها الجغرافي، فقد مكنها ذلك من انتاج السياسات وتطوير الاستراتيجيات، كما وسع نفوذ  تركيا ومساحة اهتماماتها، ومن ناحية أخرى ، فقد اتسع  نطاق المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها تركيا ، لذلك من الضروري أيضًا أن تجري  إعادة صياغة استراتيجياتنا الأمنية واتخاذ تدابير استباقية ضد المخاطر والتهديدات على نحو يراعي متطلبات موقعنا الجيوسياسي.

تستند  الإستراتيجية الدفاعية للجمهورية التركية إلى مبادئ حماية وصون استقلال البلاد، وسيادتها، ووحدة أراضيها، ومصالحها الحيوية، حيث أن احتياجات القوات المسلحة التركية -وهي التي تمكن بلدنا من تنفيذ هذه الاستراتيجية- تتغير بسرعة كبيرة، بالتوازي مع التطور السريع  للتكنولوجيا وأنواع التهديدات المتغيرة.

وفي هذا السياق، ولأجل حماية حقوقنا، وروابطنا، ومصالحنا الوطنية؛ نحتاج إلى منظور متعدد الأبعاد ومرن تجاه البيئة السلوكية المعقدة، والتهديدات المستقبلية غير المتماثلة، كما أننا أيضا بحاجة إلى قوات مسلحة لديها القدرة والأدوات اللازمة  للحصول على التأثير المطلوب في أسرع وقت ممكن، كما أن واجباتنا ومسؤولياتنا تتزايد بشكل يتناسب مع توسع مساحات تأثير واهتمامات تركيا التي أصبحت فاعلة في العلاقات الدولية تحت  قيادة رئيس الجمهورية.

تخضع الجيوش في جميع أنحاء العالم لتغييرات تقنية، حيث أن استخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتطورة  سيلحق تغييرات كبيرة في القدرة القتالية للجيوش في المستقبل القريب.. فما هي التغييرات التي سنراها في خارطة طريق القوات المسلحة التركية التي كنت قد أعددتها؟

أدت التطورات الأخيرة في جمع البيانات القيمة، وتفسيرها، ورقمنتها، وتخزينها، وأنظمة الكمبيوتر إلى استخدام حلول تركز على الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، مثل إدراج تطبيقات الذكاء الاصطناعي كـ “أنظمة لدعم القرار” التي تساعد القائد الميداني في عملية صنع القرار، بتوفير تقييم كلي للبيانات التي تأتي من مصادر متعددة، كما أن تطوير أنظمة ذكية تم انتاجها على المستوى الوطني واستخدامها مع أنظمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي وأنظمة آمنة / مشفرة قد اكتسب أهمية من ناحية العمل الأمني، حيث أصبح تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات الوظيفية امرا مهما لمواكبة تكنولوجيا المستقبل.

وكما هو الحال اليوم، فإن وجود قوات مسلحة قوية سيكون له أهمية كبيرة أيضا في المستقبل، ولذلك فإن هدفنا الأساسي هو توظيف الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا العالية لإنشاء قوات مسلحة مزودة بالأسلحة المصنعة محليًا-التي ارتفعت نسبة استخدامها- لتكون قوات مسلحة ذات فاعلية، واعتبار، وقدرة على الردع والعمل في المجالات البرية، والبحرية، والجوية، والأمن السيبراني، والفضاء.

نرى أن البيئة الجيوسياسية في تركيا قد شهدت تغيرات خطيرة للغاية في الآونة الأخيرة، فكيف تغيرت تصورات تركيا للتهديدات وما مدى جاهزيتها في ظل بنيتها الأمنية المتغيرة، وما هو تقييمك للوضع الحالي بشكل عام؟  بعبارة أخرى، ما هو ترتيب الأولويات المُتبع في تصورات تركيا للتهديدات والمخاطر في الفترة الجديدة؟

تجري مناقشة مفهوم الأمن بأبعاده السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والنفسية، والاجتماعية، والديموغرافية، والجغرافية، والتكنولوجية وما إلى ذلك، بالإضافة إلى بُعد مفهوم الأمن العسكري –خصوصًا في هذه الفترة الحساسة من الصراعات الجيوسياسية على السلطة، وازدياد المخاطر والتهديدات على الصعيدين العالمي والإقليمي، وإعادة تشكل البيئة الأمنية، وتغير ميزان القوى باستمرار، وازدياد عدد/أنشطة المنظمات الإرهابية والفاعلين بالوكالة، واستخدام تقنيات الحرب الهجينة بشكل مكثف- وعليه، وفي ظل هذه البيئة الأمنية الجديدة، فإن مفهوم “الدفاع الوطني” قد جرى  استبداله بمفهوم “الأمن القومي”، ولم يعد موضوع الأمن مقتصرا على حدود الدولة فقط.

لقد وصلت تركيا إلى مرحلة لا تواجه فيها الهجمات التي تستهدف وجودها ووحدتها على أراضيها فقط، بل أصبحت قادرة على مواجهة هذه الهجمات بشكل مباشر في منابعها، ففي إطار المفهوم الأمني ​​الجديد المُتبع في مكافحة الإرهاب منذ الربع الثاني من عام 2016، يجري  القضاء على التهديدات في منابعها بشكل عابر للحدود، وبأسلوب هجومي، وبوتيرة متزايدة، كما أنه وفي إطار  هذا المفهوم ننفذ أنشطتنا بالاستناد إلى شرعية  حقوق تركيا في القانون الدولي، وبشكل يتناسب مع  القانون الدولي، مثل العمليات الأربع المهمة في شمال سوريا وعمليات شمال العراق والتي أظهرت نجاح وواقعية سياستنا الدفاعية والأمنية واستراتيجيتنا لمكافحة الإرهاب.

ونتيجة للتطورات في تكنولوجيا المعلومات والشبكات والأنظمة العامة فقد أصبحت البنى التحتية ورأس المال البشري في الدول  بحاجة متزايدة إلى تقنيات المعلومات،  مما يعظم من أهمية الأمن السيبراني باطراد، حيث يجري  تقييم الهجمات السيبرانية على أنها قادرة على استهداف جهات عسكرية وبنى تحتية حيوية مثل المطارات، والموانئ، والسكك الحديدية، ومحطات الطاقة، ومحطات معالجة المياه، وخطوط نقل الطاقة، والمستشفيات.

أولويتنا هي حزام أمني حول بلدنا

في أثناء تحسين قدرتنا على التكيف مع البيئة الأمنية الجديدة، وخاصة خلال هذه الفترة التي تطغى عليها ضبابية متعددة الأبعاد، وتتصدر فيها التهديدات الهجينة، فإننا وفي إطار تصورات تركيا للتهديدات والمخاطر، نعطي الأولوية لإنشاء حزام أمني وبيئة استقرار حول بلدنا، وبالتالي  نقوم بتوسيع إدراكنا للتهديدات والمخاطر ليشمل أولًا بيئتنا المباشرة، ويمتد أيضا ليشمل مناطق  مثل ليبيا، ولأننا ندرك أن النهج الأمني الجديد لا يتعلق فقط بحدود البلد، فإننا من أجل ضمان أمننا وحماية مصالح بلادنا نقوم بالتخطيط المشترك -دائمًا كان أو مؤقتًا- مع المؤسسات على مستوى البلاد، والقوات على نطاق الجيش، والأنظمة / القدرات المدنية والعسكرية.

وفي هذا السياق، ومن أجل سيادتنا واستقلالنا وأمننا فإننا نواصل جهودنا في مكافحة الإرهاب في داخل البلاد وخارجها، وفي تحقيق السلام الإقليمي والعالمي مستلهمين ذلك من أجدادنا  الذين جلبوا السلام والعدالة إلى سبعة اقاليم وثلاث قارات.

إن سياستنا الدفاعية والأمنية الاستباقية التي تهدف إلى القضاء على التهديدات خارج حدودنا، وفي منابعها، ستواصل ضمان أمننا ومصالحنا الوطنية في الفترة المقبلة، وستسهم أيضًا في تحقيق الأهداف المشتركة للبشرية.

الوزير أكار: ” تعتمد اليونان في مواجهة موقف تركيا الحاسم في شرق المتوسط على دول أخرى وتحاول الرد من خلال دعوة هذه القوى إلى المنطقة وحتى عقد اتفاقيات تعاون عسكري مع بعضها”.

إن الهدف هو حيثما حلَّ الإرهابي

من الواضح أن تركيا قد قطعت شوطًا طويلًا في حربها ضد الإرهاب؛ فقد تضاءلت حركة تنظيم “بي كا كا” الإرهابي بشكل غير مسبوق. وفي هذا السياق، ما هي العوامل التي أدت إلى التغيير في حرب تركيا ضد الإرهاب؟ هل يمكنك شرح العوامل الكامنة وراء استراتيجية تركيا الناجحة لمكافحة الإرهاب؟

إن تنظيمات PKK-KCK/YPG الإرهابية والتي تحاول الحفاظ على هياكلها بالاستندا إلى ادعاءات مختلفة ، كانت قد بدأت نشاطها الدموي منذ عام 1984 -أي ما يقرب من 40 عامًا- حيث قامت هذه الجماعات الإرهابية بسفك دماء عشرات الآلاف من الأبرياء المدنيين وحراس الأمن بمن فيهم النساء والأطفال والرضع، وبدون التفريق بين دين أو لغة أو عرق أو جنس.

وفي إطار الاستراتيجية الجديدة لمكافحة الإرهاب، فإنه يجري القضاء على التهديدات في منابعها بشكل عابر للحدود ضمن مفهوم هجومي وبوتيرة متصاعدة، حيث أن الهدف الوحيد للقوات المسلحة التركية هم الإرهابيون فقط، وأينما وجد الإرهابي وجد  الهدف.

وفي اتجاه إستراتيجية تدمير الإرهاب في مكامنه ومنابعه من خلال اتباع نهج متعدد الأبعاد وشامل تجاه الإرهاب، فقد وصل التنظيم إلى نقطة النهاية بعمليات موضعية نفذت في الداخل والخارج، مدعومة بالاستخبارات والتكنولوجيات المحلية والوطنية، وخاصة الطائرات بدون طيار والطائرات المسلحة بدون طيار.

وكما هو معروف، فقد عاشت المنطقة المجاورة بشكل مباشر لحدودنا ولاتزال تعيش فترة معقدة شاركت فيها أيضًا قوى عالمية، فتم في هذا السياق؛

– بدأ عملياتنا لمكافحة الإرهاب بالحملة الجوية في 24 تموز/يوليو 2015، والعملية البرية في إيكي ياكالار.

– تنفيذ عمليات “الحفرة” في سور وجِزرة ونسيبين في  أغسطس 2015.

– إحباط محاولة الانقلاب الغادرة في 15 يوليو 2016.

– إطلاق عملية المخلب-١  في هاكورك في  مايو2019، وتوسعت بعدها إلى الشمال الشرقي مع عملية المخلب- 2 في 12 يوليو 2019.

– إجراء عمليات المخلب-٣ في  أغسطس 2019 وعمليات “مخلب النمر” في يونيو 2020 من أجل احكام السيطرة على المنطقة المؤمنة.

– تنفيذ عملية مخلب النسر في منطقة غارا بين 10-14 فبراير 2021 والتي سببت للتنظيم الإرهابي أضرارًا جسيمًة وحالت دون إعادة هيكلة التنظيم واستقراره في منطقة غارا التي اعتبرها مفرًا له من الضغوط في المناطق الأخرى.

– زيادة الضغط على التنظيم الإرهابي عبر شن عمليتي “مخلب البرق” و “مخلب الصاعقة” في 23 أبريل 2021 في منطقتي آفاشين-باسيان ومتينا.

– تحييد أكثر من 800  إرهابي بتنفيذ جميع عمليات المخلب حتى الآن.

– بدأ عملية نسر الشتاء في  شباط 2022  واستهدفت 82 هدفًا، وحيدت العديد من الإرهابيين عبر قصف الملاجئ، والمخابئ، والكهوف، والأنفاق، والمخازن، ومراكز التدريب والمقار المزعومة التابعة للإرهابيين في كل من شمال العراق (منطقتي سنجار وكركاك) وشمال سوريا (منطقة ديريك).

بالإضافة إلى ذلك، ومن أجل إنهاء وجود  تنظيم “بي كا كا”و تنظيم “بي واي دي” و”واي بي جي” وداعش في الشمال السوري، ولمنع الممر الإرهابي الذي يجري إنشاؤه، وضمان أمن حدودنا وسلام شعبنا، نفذنا بنجاح عمليات “درع الفرات” في عام 2016 و”غصن الزيتون” في عام 2018 و”نبع السلام” في عام 2019 و”درع الربيع” في عام 2020 وإلحاق خسائر فادحة بالتنظيمات الإرهابية، وكانت قد نفذت هذه العمليات بعناية وحساسية حتى لا تلحق الضرر بالمواطنين المدنيين، والأنسجة التاريخية، والهياكل الدينية، والبيئة.

وبالإضافة إلى تضحيات وبطولات أفراد  القوات المسلحة التركية، فإن التكنولوجيات المحلية والوطنية تؤدي دورًا مهمًا في الاختتام الناجح للعمليات المحلية والعابرة للحدود، حيث أن صناعتنا الدفاعية المحلية والوطنية والتي تزيد فعاليتها كل يوم بفضل دراسات التصميم والإنتاج والبحث والتطوير التي لا هوادة فيها قد ضاعفت قدرة القوات المسلحة التركية على  مكافحة الإرهاب.

كما أن  ما يسمى بالقيادة العليا للتنظيم لم يعد بوسعها  التحرك في شمال العراق، وهي سابقة تاريخية، ، حيث أنه نتيجةً للعمليات الناجحة التي نفذتها القوات المسلحة التركية قد أصبح معروفًا أن التنظيم الإرهابي قد تكبد خسائر كبيرة لم يستطع تعويضها، وأن هناك خلافات نشأت بين قادة التنظيم الإرهابي، وأن التنظيم الإرهابي أصبح يمر بأسوأ فترة في تاريخه معنويًا، وأن التنظيم قد اقترب من الزوال.

وقد قمنا بتنفيذ جميع أنشطتنا وعملياتنا في نطاق حق الدفاع عن النفس النابع من القانون الدولي، وكما يجب أن يعلم الجميع أننا لا نطمع في حدود، أو أراضي، وسيادة أي من جيراننا، وخاصة سوريا والعراق، وأننا نولي أعلى  درجة  من الاحترام لوحدة أراضي جيراننا.

وبغض النظرعن هوية  يدعم  تنظيم “بي كا كا” وذراعه  السوري المتمثل بما يسمى “وحدات حماية الشعب”، فإننا ملتزمون ومصممون على المكافحة وإنقاذ مواطنينا البالغ عددهم ٨٥ مليون نسمة من آفة الإرهاب هذه، حتى يتم تحييد اخر إرهابي.

الوزير أكار: “تركيا ليست تهديدا لأي بلد وليس لبلدنا أي غرض سوى حماية حقوقه وقانونه”.

لقد أصبحت القوات المسلحة التركية أكثر قوة مع تطهيرها من منظمة “غولن”

كان البعض قد زعم أن القوات المسلحة التركية لن تعمل عسكريا بعد 15 تموز/يوليو بشكل فعال كما كانت  في السابق، ولكن وخلافًا لهذه المزاعم نفذت القوات المسلحة التركية عمليات فعالة متتالية خارج البلاد. كيف تقيمون التحول في القوات المسلحة التركية وتأثيره العسكري على الأرض في فترة ما بعد 15 تموز/يوليو؟ وفي سياق متصل هل يمكنك أن تشرح الوضع الذي وصلت له العلاقات المدنية-العسكرية؟

إن نجاحات العمليات التي نفذت  داخل البلاد وخارجها والتدريبات متزايدة العدد والاتساع بعد محاولة الانقلاب الغادرة في 15 يوليو تعتبر أوضح مؤشر على أنه كلما تطهرت القوات المسلحة التركية من منظمة “غولن”، كلما تزايدت  قوتها.

إن حقيقة أن التنظيم الإرهابي الذي قام بتحصين المنطقة بجميع أنواع الأنفاق والمخابئ والألغام وغيرها لسنوات، قد تعرض لضربة قوية في فترة زمنية قصيرة بعد 15 يوليو ف إذ تجلت  قدرات وإمكانيات القوات المسلحة التركية، حيث أثبتت القوات  قوتها للعالم من خلال إلحاق خسائر فادحة بتنظيم داعش الإرهابي من خلال عملية “درع الفرات”، حيث نُفذت العملية في ظروف صعبة للغاية، وأمام تنظيم إرهابي يمتلك أسلوب القتال الأكثر شراسة وصرامة في العالم.

وقد أدت أنشطة القوات المسلحة التركية دورًا رئيسيًا في تحقيق هذا النجاح، سواء على مستوى عال من التعاون والتنسيق المدني العسكري داخلها، أو جنبًا إلى جنب مع الوزارات والمؤسسات والمنظمات العامة الأخرى، كما وقد توجت هذه الإنجازات بثقة شعبنا وإيمانه بالقوات المسلحة التركية.

بالإضافة إلى ذلك، فإننا وبجهد فائق نؤدي حق مسؤولياتنا تجاه الدول الشقيقة والصديقة والحليفة في الخارج، فنحن موجودون في أذربيجان وليبيا، وكذلك في الصومال، وكوسوفو، والبوسنة والهرسك، وقطر، والعديد من المناطق الأخرى  في نطاق العلاقات الثنائية مع بعثات الناتو، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وتواصل قواتنا المسلحة الوفاء بالتزاماتنا ومسؤولياتنا أينما كانت من خلال تقديم مساهمات هامة للسلام الإقليمي والسلام العالمي في إطار المبادئ العالمية وحقوق الإنسان، وفقا لتاريخنا، وثقافتنا وأسلافنا.

مرت منذ فترة قريبة  الذكرى االسبعين  لعضويتنا في حلف شمال الأطلسي. وهناك تحول في حلف شمال الأطلسي؛ حيث يجري إعداد وثيقة رؤية 2030 ، فما موقع تركيا، بصفتها  ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي،  من  وثيقة عام  2030؟ وانطلاقا من هنا، ما هي رؤيتكم لمستقبل الناتو والعلاقات بين تركيا والناتو؟ وما هي المجالات الرئيسية للعلاقة بين تركيا وحلف شمال الأطلسي التي تتوقعون أن تبرز في الفترة المقبلة؟ وبشكل عام، ما هي المجالات التي تحتاج إلى تقدم في حلف الناتو، وخاصة في العلاقات بين تركيا والناتو؟

تقع بلادنا  في قلب أمن الناتو كحليف منذ 70 عامًا، وتمتلك ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي، وكما أن لدينا مكانة رفيعة  بالنسبة للجناحين الشرقي والجنوبي للتحالف، فإننا أيضًا من بين أكثر الدول التي تساهم بالدفع للأموال المشتركة.

وتقدم تركيا الدعم اللازم في التدريب والمناورات والعمليات ومكافحة الإرهاب بما يتناسب مع متطلبات حلف شمال الأطلسي، وتسعى جاهدة للعب دور رائد وناجح في جميع القطاعات التي يعمل ويتواجد فيها التحالف، والمساهمة بالقدر الذي يتناسب مع إمكاناتنا وقدراتنا، ويمكننا  توضيح الأدوار التي اضطلعنا بها في عمليات الناتو ومهامه التي كان قام ويقوم بها حتى اللحظة كمؤشر ملموس على مساهمتنا الهامة .

في علاقاتنا مع الناتو، نتبنى  مبدأ أن “تركيا مهمة للناتو والناتو مهم لتركيا”، لذا  سنسعى جاهدين للحفاظ على علاقاتنا مع الناتو  في هذا الاتجاه في المستقبل، فنحن نهتم بتحالف الناتو، ونقوم وسنواصل القيام بمسؤولياتنا بشكل دقيق ولائق، حيث إن تماسكنا مع الناتو كامل وقوي وسنواصل العمل بشكل تكاملي في جميع المجالات.

تحارب تركيا الإرهاب منذ سنوات عديدة وتقاتل عدة منظمات إرهابية مثل “تنظيم بي كا كا” و”واي بي دي” والقاعدة، وداعش، وتنظيم غولن في نفس الوقت، وباعتبار أننا نرى أنه من الخطأ محاربة منظمة إرهابية باستخدام منظمة إرهابية أخرى، فإننا نتوقع الدعم من حلفائنا في مكافحة جميع أشكال الإرهاب دون تمييز.

الوزير أكار: ” إن من المهم أن نمنع بشكل دائم التهديد الإرهابي القادم من سوريا وممر الإرهاب المخطط إنشاؤه لضمان أمن حدودنا وإعادة المهاجرين الموجودين في بلدنا إلى سوريا، كما أنه من المهم ضمان أن يكون لسوريا هيكل دولة ديمقراطي يرسخ وحدة أراضيها وسيادتها، ولا يشكل تهديدًا لأمننا، ويكون له علاقات جيدة مع تركيا.”

مثلما أن تركيا مهمة لحلف شمال الأطلسي، فإن حلف شمال الأطلسي مهم أيضا لتركيا

من ناحية أخرى، فإن الغرض من الوثيقة التي أعدت نتيجة لـ “عملية  تقييم الناتو 2030″ – وتمت الموافقة عليها من قبل الدول الأعضاء في الناتو ورؤساء الحكومات في يونيو 2021- هو تعزيز البعد السياسي للحلف وتمكينه من تكييف نفسه استجابةً للتهديدات الجديدة مثل تغير المناخ أو التقنيات الرائدة، وقد تم تقديم المساهمات اللازمة -بما يتماشى مع آرائنا- خلال عملية الإعداد والموافقة على الوثيقة المذكورة أعلاه، كما أننا سنؤدي ما يقع على عاتقنا من مسؤوليات ناتجة عن القرارات المتخذة، حيث  نعتبر في هذا السياق أن كل خطوة تهدف إلى تعزيز حلف شمال الأطلسي من شأنها أن تقوي البلدان الحليفة.

وتعد وثيقة “الناتو 2030″ أيضًا بمثابة تحضير لـ”المفهوم الاستراتيجي” لحلف الناتو المتوقع تحديثه هذا العام، كما أن الأزمة في سوريا وموجات الهجرة الناجمة عنها قد أظهرت مدى حساسية وهشاشة الاستقرار، فقد ظهر أن الأزمة السورية تشكل خطرًا على أمن أوروبا بنفس القدر الذي تشكله على أمن بلدنا، وأن استضافة بلدنا لملايين السوريين قد حال دون تفاقم  الأزمة، كما أن تركيا تحمي حدودها الخاصة من جهة، وتضمن أمن الحدود الجنوبية الشرقية لحلف شمال الأطلسي من جهة أخرى، مما يظهر مؤشرًا آخر على  أهمية تركيا لحلف الناتو.

اليونان تهدر المال بسبب هوسها بالتسلح

يبدو أن اليونان تتسلح بشكل عدواني، و معاليك كنت  قد استخدمت عبارة ذات دلالة في هذا السياق، حين قلت: “إن اليونان تحاول القيام بأمور تتجاوز قدرتها، فإذا كان هذا التسلح لأغراض دفاعية فهو أكثر من اللازم، أما إذا كان ضد تركيا فهو قليل جدًا.” فكيف يؤثر تسلح اليونان المفرط وتفاهماتها  العسكرية الجديدة على العلاقات التركية اليونانية والتوازن العسكري بين البلدين؟

بدأ الهوس بالتسلح في اليونان -وخاصة في الآونة الأخيرة- من خلال عقد بعض الاتفاقيات التي تمت بتشجيع وتحريض بعض الدول، حيث يكون حب التسلح هذا بمثابة اعتراف من اليونان بتخلفها عن تركيا، وبغض النظر عن مدى تسلح اليونانيين، فإنهم لن يتفوقوا أبدًا على تركيا، ففي حين تتعزز  صناعتنا الدفاعية من خلال زيادة معدل الصناعات الوطنية والمحلية كل يوم، فإن أنشطتهم تعتمد بشكل كلي على الخارج، كما أن الوضع الاقتصادي في اليونان معروف جيدًا، فبحب اليونان للتسلح وسعيها ورائه فإنها تهدر الأموال مما يتسبب في تفاقم أزمتها الاقتصادية، وتبديد موارد شعبها الذي يعاني بالفعل من صعوبات اقتصادية، والتقليل من مستوى ازدهارها، مما يستدعي انتباه العقلاء في اليونان.

وقد اتخذنا وما زلنا نتخذ كل التدابير اللازمة أمام هذا الوضع، ونحن مصممون وعازمون وقادرون على القيام بذلك، وسنواصل حماية جميع حقوقنا ومصالحنا وروابطنا في بحارنا، مع ذكر أن سياساتنا وتدابيرنا العسكرية ليست متركزة على اليونان فقط، فتركيا لا تشكل  تهديدًا لليونان، بل إن تركيا حليفة في حلف شمال الأطلسي، فنحن ننظر إلى منطقتنا من منظور أوسع بصفتنا قوة إقليمية فعالة.

إن أي مشروع لا تشارك فيه تركيا في بحر إيج وشرق  المتوسط لن يكتب له  النجاح

اتخذت تركيا موقفًا فعالًا بأسلوب حاسم ضد التحديات التي ظهرت أثناء التوترات الكبيرة مع اليونان، وخاصة تلك التي حصلت في شرق البحر الأبيض المتوسط في عام 2020م. هل تتوقع تحديات جديدة في بحر إيجة وشرق المتوسط في الفترة المقبلة؟ ماذا سيكون ردكم في حال حدوثها؟

تعتمد اليونان على بلدان أخرى للرد في مواجهة موقف تركيا الحاسم في شرق المتوسط من خلال دعوة هذه البلدان إلى المنطقة، ومن خلال عقد اتفاقيات تعاون عسكري مع بعضها، وتشكل هذه التوجهات جزءا من جهود اليونان لجعل تركيا واليونان مشكلة للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

لا تمثل تركيا تهديدًا لأي بلد وليس لها أي غرض سوى حماية حقوقها  وقانونها، فنحن نحترم حدود الجميع وحقوقهم وقوانينهم وسيادتهم، ويجب على الجميع أن يعلم أن تركيا حليف موثوق وقوي وفعال، ويجب أولًا على نظرائنا اليونانيين والمجتمع  الدولي أن يفهموا هذا الأمر، فتركيا ستحافظ دائمًا على هذا الموقف الحاسم وستتخذ الخطوات المطلوبة -إذا لزم الأمر- وفقا لقواعد القانون الدولي وفي إطار الحفاظ على  حقوقها ومصالحها، ولا توجد فرصة لبقاء أي مشروع في بحر إيجه وشرق البحر الأبيض المتوسط بدون مشاركة تركيا والقبارصة الأتراك، وأحدث مثال على هذا هو مشروع “Eastmed”.

تمتلك تركيا بعض البعثات  العسكرية في دول مثل أذربيجان، وليبيا، والصومال، وقطر؛ في إطار اتفاقيات التدريب والتعاون العسكري التي تزايد تأثيرها مؤخرًا.. كيف تقيم وظيفة عمليات التعاون الحالية في الفترة القادمة؟ ما هو نوع تخطيط العقيدة العسكرية المطروح في هذا الصدد؟ هل سنرى اتفاقات تعاون عسكري جديدة تتطور مع دول مختلفة؟ على سبيل المثال، هل تتوقع تحسنًا في علاقات تعاوننا العسكري مع دول العالم التركي؟

تقوم القوات المسلحة التركية بمهام في أذربيجان (كاراباغ)، وليبيا، والصومال، وقطر للحفاظ على السلام الدولي، وأود في هذا السياق أن أؤكد على أن أولويتنا هي إحلال السلام في إطار التعاون والاتفاقيات المتبادلة، وأن رغبة تركيا هي السلام والاستقرار والهدوء في المنطقة حيث أن هذا يصب أساسًا في مصلحة جميع بلدان المنطقة، فنحن على استعداد للتعاون مع جميع البلدان للإسهام في تحقيق الرخاء، والسكينة، والاستقرار، والسلام الدولي.

إن البلدان الناطقة بالتركية أي بلدان أبناء جلدتنا لها عندنا مكانة مختلفة، فعلاقاتنا العسكرية، بهذا الاعتبار، مع الدول الناطقة باللغة التركية تتطور وتتعمق يومًا بعد يوم، ونريد أيضًا في هذا السياق تحسين تعاوننا مع هذه البلدان ونرغب في إنتاج الأسلحة والأدوات والمعدات والذخيرة المحلية والوطنية معًا.

أملنا هو امتثال الولايات المتحدة وروسيا للاتفاقات في سوريا

تستمر الأزمة في سوريا ولا يظهر في الأفق القريب أمل في أي حل سياسي. لهذا، ما هو موقفنا في أمن حدودنا، ومكافحة الإرهاب، ومناطق العمليات؟ وما هي التطورات التي قد تحدث في الفترة المقبلة، وما هي خطواتكم تجاهها؟

إن من المهم أن نمنع بشكل دائم التهديد الإرهابي القادم من سوريا وممر الإرهاب المخطط إنشاؤه لضمان أمن حدودنا وإعادة المهاجرين الموجودين في بلدنا إلى سوريا، كما أنه من المهم ضمان أن يكون لسوريا جهاز  دولة ديمقراطي يرسخ وحدة أراضيها وسيادتها، ولا يشكل تهديدًا لأمننا، ويكون له علاقات جيدة مع تركيا.

ومن أجل ضمان أمن حدودنا ومواطنينا تم إغلاق الممر الإرهابي الذي تم إنشاؤه في شمال سوريا وتم ضمان أمن حدودنا بإطلاق عملية “درع الفرات” التي انطلقت بعد شهر من محاولة الانقلاب في 15 تموز/يوليو، والتي تلتها عمليات “غصن الزيتون” و”نبع السلام” و”درع الربيع”.

فبعد هذه العمليات، عاد أكثر من مليون سوري -بما في ذلك حوالي 470 ألفًا إلى إدلب- إلى ديارهم بشكل طوعي وآمن، وفي إطار التفاهمات ننفذ أنشطتنا بنجاح في إدلب لحماية نظام وقف إطلاق النار ومكافحة العناصر المتطرفة.

وفي الوقت الذي يهدد فيه الإرهاب والهجرة غير النظامية البلدان وخاصة بلدنا، وعلى الرغم من جميع أنواع الظروف المناخية والتضاريس القاسية فإن حدودنا محمية باستمرار من قبل الجنود الأتراك بفهم أن “الحدود هي الشرف”، وباتخاذ التدابير الأكثر كثافة وفعالية في تاريخ الجمهورية، حيث أن أمن حدودنا قد وصل إلى نقطة نفخر بها، من خلال مزيج من الجدران الخرسانية، والأبراج، والأسوار، والخنادق، والطرق، والكمائن، وأنشطة الاستطلاع.

نبذل كل جهد ممكن لضمان الاستقرار في سوريا في أقرب وقت ممكن وإنهاء المآسي الإنسانية، فنحن نأمل أن تلتزم الولايات المتحدة وروسيا بالاتفاقيات التي تم الاتفاق عليها مسبقًا، وأن يتم الحفاظ على السلام في الميدان واستمراره حتى يتم التوافق على دستور وعقد الانتخابات، و نؤيد الاستقرار ونريد أن يصبح وقف إطلاق النار دائمًا.

ونواصل اتخاذ خطواتنا بحزم لمكافحة الإرهاب وتطبيع الحياة في مناطق عملياتنا الأخرى على حد سواء، لكننا نرى أن شروط الاتفاق والوعود التي قطعها حلفاؤنا فيما يتعلق بإخراج التنظيم من هذه المناطق لم يتم الوفاء بها، فالمضايقات والهجمات من قبل منظمات  “بي كا كا” لا تزال مستمرة، وبينما تحدث كل هذه الهجمات أمام أعين العالم، تواصل بعض الدول بما في ذلك  حلفائنا للأسف بدعم منظمة ح “بي كا كا”.

ومع تنفيذ عمليات المخلب في شمال العراق تم دخول ما يسمى بـ “المناطق المحظورة”، وتدمير الملاجئ، والمخابئ، والمستودعات، وما يسمى بالمقرات التي كان يستخدمها الإرهابيون لسنوات وبهذا تمت السيطرة على المنطقة، كما أن مكافحة التنظيم الإرهابي الذي يشكل أيضا تهديدًا للعراق ويضر بالاستقرار في المنطقة يجري بالتنسيق والتعاون الوثيق مع العراق.

إن القوات المسلحة التركية تكافح الإرهاب في داخل البلاد وخارجها من أجل سيادتنا واستقلالنا وأمننا، وهي مستمرة بعزم وإصرار لحماية حقوقنا ومصالحنا وروابطنا في مياهنا وسمائنا.

إن عمليات الحصول على طائرات “إف-35” و “إف-16” منفصلة عن بعضها البعض

إذا تم تقييم العلاقات التركية الأمريكية، فما هي العوامل الإيجابية والسلبية التي تؤثر على العلاقات الثنائية في السياق العام؟ وما هي توقعاتك لمستقبل العلاقات الثنائية؟ فهناك محادثات بين تركيا والولايات المتحدة حول “إف-35” وعملية شراء طائرات من طراز “F-16 Block-70“. نحن في أي مرحلة الآن في عملية الشراء، وما هو تأثير هذه العملية على العلاقات الثنائية؟

تستند العلاقات التركية الأمريكية إلى تاريخ طويل ومتين، فهذا الاتحاد القائم على القيم والمصالح المشتركة قد ساعد على خلق توازنات جيوسياسية في منطقتنا وأسهم في السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي.

وعلى الرغم من وجود تقلبات في العلاقات التركية الأمريكية واختلافات حادة في الرأي بين الحين والآخر، إلا أننا نعتقد أننا سنتوصل إلى توافق في الآراء حول العديد من القضايا في إطار الحوار وتفاهم التحالف، تماما كما تمكنا من التغلب على العديد من التحديات في الماضي.

وفي الآونة الأخيرة هناك بعض القضايا الخطيرة التي طغت، لسوء الحظ، على الصداقة والشراكة الاستراتيجية التركية-الأمريكية، كما أنها مدرجة على جدول أعمالنا وهذه النقاط هي:

– دعم الولايات المتحدة  لتنظيمي “واي بي جي”  و”بي واي دي” الذي يمثل الذراع السوري لتنظيم “بي كا كا”.

– تقاعس وجمود الإدارة الأمريكية فيما يخص منظمة غولن الإرهابية التي تطمح لزوال تركيا.

– استبعادنا غير العادل من مشروع “F-35” الذي نحن أساسا شركاء فيه وفرض عقوبات على تركيا بسبب شرائنا لنظام “S-400”.

– وأخيرًا، البيان المؤسف الذي أدلى به السيد بايدن في الرابع والعشرين من أبريل بشأن الأحداث الأرمنية عام 1915.

وتعتبر عملية “F-35” وامتلاك “F-16” قضيتين منفصلتين عن بعضهما البعض، فعملية التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تعويض الضرر الناجم عن استبعاد تركيا من جانب واحد من شراكة F-35 مستمرة، وأما بالنسبة لتوريد وتحديث طائرة F-16 Block 70، فقد عُقد اجتماعان مع وزارة الدفاع الأمريكية وممثلي الشركة المصنعة، الأول في ديسمبر 2021 والثاني في فبراير 2022، وقد كانت المشاركة فيهما على نطاق واسع، حيث أجريت دراسات فنية حول تكوين الطائرة التي نريد توريدها وتحديثها، وكان قد لوحظ في كلا الاجتماعين أن الجانب الأمريكي على استعداد لتنفيذ المشاريع، فبعد الانتهاء من المدارسة سيتم إرسال خطابات إلى الولايات المتحدة الأمريكية لطلب توريد وتحديث طائرات “F-16 Block 70”.

إننا سنواصل الوفاء بجميع مسؤولياتنا والإسهام في السلام، والتعاون، وعلاقات حسن الجوار، والأمن في منطقتنا وفي العالم، وأثناء قيامنا بهذا نريد العمل مع حلفائنا وأصدقائنا وخاصة الولايات المتحدة، فنحن لهذا الغرض نساهم في العمليات التي تنفذها المنظمات الدولية مثل الناتو والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وتتوافق جميع أنشطتنا مع الاتفاقيات الثنائية والقانون الدولي، ونفضل دائما الدبلوماسية والحوار في حل الخلافات، كما أننا مصممون وقادرون على الدفاع عن شعبنا وعن حدودنا وحقوقنا، وسنواصل الإسهام في الاستقرار الإقليمي والعالمي على الرغم من كل الصعوبات والتحديات، ونولي أهمية كبيرة في هذا الصدد للتعاون مع الولايات المتحدة في كل من علاقاتنا الثنائية وداخل الناتو.

إن الأزمة الأوكرانية مدرجة على جدول أعمال العالم، وكانت تركيا قد أعربت  عن احترمها  لحدود أوكرانيا وسلامة أراضيها، وأننا نقدر كفاحها، وأن هجوم روسيا ينتهك القانون الدولي ويجب وقفه. فما هي التطورات التي يمكن حدوثها في المستقبل؟

إننا نتابع التطورات في أوكرانيا بحزن وقلق، كما أننا نشعر بحزن عميق إزاء الخسائر البشرية ، فنحن لدينا علاقات إيجابية للغاية مع أوكرانيا وروسيا، ونحن نحترم ونواصل احترام الحقوق السيادية والحدود والسلامة الإقليمية لجميع البلدان -وخاصة جيراننا- كما فعلنا طوال تاريخنا، واستنادًا إلى هذا المبدأ،  نقول الشيء نفسه بالنسبة لأوكرانيا، ونأمل أن يتم التوصل إلى حلول سلمية ودبلوماسية في أقرب وقت ممكن.

وما فتئنا نعرب عن تأييدنا للبلدان المطلة على البحر الأسود منذ سنوات لكي تعيش في سلام وحوار وسلام ورخاء في إطار نظام مونترو. وبصفتنا البلد الذي يتمتع بأطول ساحل على البحر الأسود، حافظنا على هذا الفهم كمبدأ. وفي جميع اجتماعاتنا، بذلنا  جهودًا للحفاظ على السلام والسلام والبيئة الآمنة في البحر الأسود. ونظرنا في جميع القضايا في هذا السياق حتى الآن.

والوضع الذي ولده عقد “مونترو” مستمر منذ سنوات عديدة، فالاتفاقية مفيدة لجميع البلدان الساحلية وتنظم دخول وخروج البلدان الأخرى، ومن الواضح أن تآكل “مونترو” بأي شكل من الأشكال، وكسر الوضع الراهن لن يفيد أحدًا. ونرى أنه من المفيد لجميع الأطراف أن تتبع قواعد مونترو. ونحن ننظر إلى حادث أوكرانيا الأخير بنفس الطريقة. وسنواصل تنفيذ اتفاقية مضيق مونترو كما فعلنا حتى الآن، وستواصل تركيا العمل والقيام بدورها في المرحلة الحالية لضمان السلام والهدوء في المنطقة وتحسين الوضع الإنساني في أوكرانيا.

تسميات