كارثة العصر وعائلة تركيا المكونة من 85 مليون نسمة

ندرك أن صور الحطام التي تشاهدها وسائل الإعلام وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي مصحوبة بصيحات تمزق الروح تجعل عقولنا وعواطفنا أكثر حساسية، فضلاً عن النهايات العصبية الاجتماعية المتمثلة في انتظار مؤلم وصعب.

بقلم: Rıdvan Duran

ليلة السادس من شباط الموافق ٢٠٢٣م استيقظنا على خبر مؤلم. حدث زلزال في مدينة كهرمان مرعش تمام الساعة ٤.١٧ صباحاً، واستمر أكثر من ٨٠ ثانية، وقيست شدته بـ ٧.٧ درجات. الاهتزاز كان قريباً من السطح، ومساحة السطح التي أثر فيها كانت واسعة جداً. بالإضافة إلى كهرمان مرعش، بالمجموع هدّم الزلزال عشراً من ولاياتنا: غازي عنتاب، شانلي أورفا، ديار بكر، أضنا، أديامان، العثمانية، هاتاي، كلس، ملاطيا، وإلازيغ.

منذ أولى لحظات الكارثة، قدمت دولتنا بجميع مؤسساتها ومنشآتها جهداً لا مثيل له بقيادة رئيسنا رجب طيب أردوغان. تابع رئيسنا أعمال البحث والإنقاذ لحظة بلحظة، وأدار الأزمة بنفسه، وشارك مواطنينا أحوالهم بذهابه عدة مرات إلى منطقة الزلزال. مع زوجته، شارح المتضررين من الزلزال أحزانهم، وراقب جميع الأعمال في مكانها ووجهها. وزيرة العائلة والخدمات الاجتماعية دريا يانك، تنقَّلت ذهاباً ومجيئاً بين المدن المتضررة من الكارثة ومركز الأزمة في أنقرة.  وضعت جميع إدرايي وزارة العائلة والخدمات الاجتماعية ووحداتها على أهبة الاستعداد. بالتواصل المستمر مع وزيرتنا، عملنا على مدار الساعة في مركز الأزمة برئاسة نائب رئيس الجمهورية فؤاد أقطاي.

ممثلين لوزارة العائلة والخدمات الاجتماعية، وصلنا إلى منطقة الكارثة بسرعة برفقة آفاد (رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ ) والهلال الأحمر، ووزارة الداخلية، ووزارة التغير المناخي والتنمية العمرانية والبيئة، ووزارة الصحة، وجميع وزرائنا. بالإضافة إلى المسؤوليات التي تقع على عاتق وزارتنا في مجال نفوذها ومهماتها، أصبحنا جميعنا في حالة من التعبئة العامة لتلبية احتياجات الناجين العاجلة، وعلاج المصابين، والعناية بهم، بالإضافة إلى أعمال البحث والإنقاذ.

الضغط على خطوط الصدع الاجتماعية

ما أن وصلنا إلى قهرمان مرعش والولايات الأخرى، وتجاوزنا موجة الصدمة، وسرّعنا أعمال البحث والإنقاذ حتى اهتززنا مرة أخرى وبنفس الشدة أيضاً. كانت كارثة حيّرت خبراء الزلازل. هذه المرة في تمام الساعة ١.٢٤ بعد الظهر، وقع زلزال بشدة ٧.٦ مركزه إلبيستان في قهرمان مرعش. تكرر الزلزال بنفس الضخامة، والقرب من السطح، والمنطقة المغطاة، وشدة الاهتزاز، وزوايا أخرى مشابهة أمرٌ نادرُ الحدوث جدا ليس في دولتنا فقط، بل في جميع العالم. كنا أمام أكبر تهدّم عشناه في آخر ألفي سنة وكان سببه زلزال. عشنا في السادس من شباط كارثة أشد من زلزال مرمرا الذي هزّ غولكوك، يلوا، كوجالي، وسكاريا وسوّاهم بالأرض في غضون ٤٥ ثانية. هذه المرة ليس في أيام الصيف الحار، وإنما في قَرّ الشتاء وأيامه المثلجة كافحنا كارثة العصر. بهذين الزلزالين الذين أثرا بمنطقة مساحتها ١١٠ كيلومتر مربع، ويقطنها ١٣ مليوناً، كنا نعيش أكبر زلزلة بعد زلزال الأناضول الكبير سنة ١٦٦٨ وزلزال أرزينجان سنة ١٩٣٩.

كلنا يعلم تفاصيل الصور المحزنة التي تابعها شعبنا ملتقطاً أنفاسه على البث المباشر. نحن مدينون بالشكر لجميع الدول وفرق البحث والإنقاذ التي أتت للمساعدة بسبب التضامن الذي أبداه المجتمع الدولي في أثناء انشغال جميع إمكانات دولتنا في مداواة الجراح. تابعنا بأسف محاولات مراكز الوعي الزائف لإنشاء زلزال اصطناعية في الصدوع الاجتماعية الأشد هشاشة من خطوط الصدع بقولهم: تركيا لا صديق لها. جنبا إلى جنب مع مئات الآلاف من الوطنيين الذين سارعوا لمساعدة المنطقة، قدمنا أفضل إجابة لأولئك الذين حاولوا تحصيل مصالح سياسية من كارثة بلد ما ومعاناة أمة.

ندرك أن صور الحطام التي تشاهدها وسائل الإعلام وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي مصحوبة بصيحات تمزق الروح تجعل عقولنا وعواطفنا أكثر حساسية، فضلاً عن النهايات العصبية الاجتماعية المتمثلة في انتظار مؤلم وصعب. لسوء الحظ، تعرضنا أيضًا لهجمات التضليل الكيدية، وشهدناها. قد تكون لدينا عيوب وأخطاء، لكن دعنا نواجه الأمر، لقد عمل الجميع بتفانٍ كبير. لم يحلم أي منا بالنوم، حتى رشفة ماء علقت في حلوقنا.

خاصة في الساعات، العاصفة الثلجية على خط عبور قونيا والخط الواصل بقيصري عطّلت وصول الدعم اللوجستي للمنطقة على الطرق الرئيسية. الطرف كانت تُفتح ثم تغلق من جديد. والثلج الذي كان في المنطقة أيضاً تسبب بنفس المشكلة كما في طرق قونيا وقيصري.

حساسيات الأطفال، والمسنين، وذوي الاحتياجات الخاصة

تم فحص الصور والمعلومات الفورية من المنطقة بدقة وتم تحديد الاحتياجات والسعي لتلبيتها. تحت إدارة وزيرتنا ديريا يانك، بصفتنا وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية، أخذنا مكاننا في هذا العمل وفي المقام الأول، نقلنا الأفراد في مؤسسات الرعاية لدينا، بما في ذلك المعوقين والمسنين والأطفال في المقاطعات المتأثرة بالزلزال. أحد عزاءاتنا في هذا الزلزال الذي دمر المنطقة بأكملها أن مؤسساتنا جميعها لم يتهدم منها شيء.

لقد أرسلنا بسرعة سيارات مركز الخدمة الاجتماعية (SHM) وفرق الدعم النفسي والاجتماعي إلى المنطقة. اعتبارًا من 19 شباط، قدمنا ​​الدعم النفسي والاجتماعي لـ 469 ألف 63 مواطنًا في منطقة الكوارث بواسطة 3 آلاف موظف. نحن نشارك المساعدات والخدمات المقدمة، على الموقع الرسمي لوزارة العائلة والخدمات الاجتماعية وعلى حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لدينا. قمنا بتسجيل الأطفال فاقدي المرافقة بنظام وزارتنا، وسعينا أولاً لتلبية احتياجاتهم الصحية ثم لتحديد هوياتهم. من حُددت هويته سلّم إلى عائلته. قمنا بتسجيل طلبات العوائل للحضانة التي تجاوزت ٣٠٠ ألف طلب لتقييمها بدقة. ، أصبحنا صوته جميع مواطنينا الصم في المنطقة من خلال الوصول إليهم.

سنتشارك الحزن كما تشاركنا القدر

ضمن نطاق خطة الاستجابة للآفات التركية (TAMP) واللائحة المتبعة بشأن خدمات التدخل، يتم تنفيذ الدعم النفسي والاجتماعي في ظل تنسيق وزارتنا. إن خسارتنا وآلامنا كبيرة للغاية. لم يتم تدمير سوى قهرمان مرعش وعشر ولايات أخرى. لقد دمرنا جميعا. نحن عائلة كبيرة من 85 مليون. نحن أقوياء معًا. سنداوي هذا الجرح العظيم من خلال مشاركة حزنه، كما نتشارك مصيرنا الجغرافي. كدولة وشعب، لدينا القوة والتصميم للتغلب على الخسارة المالية التي سببها الزلزال من خلال الوقوف كتفا بكتف. ستتغلب تركيا على هذا الحزن بالصبر والثبات، وستقربنا كارثة القرن من بعضنا البعض. نرجو الله تعالى أن لا يوقع مثل هذا الألم على أمتنا العزيزة مرة أخرى.

تسميات