f “غانتس في واشنطن.. هل تدعم الإدارة الأمريكية غريم نتنياهو؟ | مقالات رأي | SETA “غانتس في واشنطن.. هل تدعم الإدارة الأمريكية غريم نتنياهو؟ – SETA

“غانتس في واشنطن.. هل تدعم الإدارة الأمريكية غريم نتنياهو؟

من الآثار الجانبية لاستقبال واشنطن ولندن للوزير غانتس أن تتشجع أطراف دولية أخرى على انتقاد حكومة نتنياهو والضغط عليها وهذا سيشكل مزيد من العزلة والإرباك على حكومة نتنياهو ولكن مع ذلك لا ينبغي أن ننسى أن الإدارة الأمريكية لا زالت تواصل الدعم العسكري لجيش الاحتلال الإسرائيلي وكانت دائما تستخدم حق النقض الفيتو في مجلس الأمن ومنعت التوصل لقرارات ملزمة لوقف إطلاق النار قبل ذلك.

في سابقة من نوعها على الأقل في ظل الحكومات التي قادها بنيامين نتنياهو تقوم الإدارة الأمريكية باستقبال وزير في الحكومة دون رغبة من رئيس الوزراء الإسرائيلي وبدون علمه حيث بدأ وزير حكومة الحرب الإسرائيلية ورئيس حزب معسكر الدولة بيني غانتس زيارة لواشنطن يوم الاثنين بغرض الاجتماع مع عدد من المسؤولين الأمريكيين ومناقشة وقف إطلاق النار وملف إدخال المساعدات الإنساانية لغزة، وقد اجتمع غانتس مع كامالا هاريس نائب الرئيس الأمريكي وجيك سوليفان مستشار الأمن االقومي بالبيت الأبيض وكذلك أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي .

وقد فوجيء نتنياهو بزيارة غانتس وعبّر عن غضبه الشديد منها حيث أخبره غانتس عن الزيارة بعد تحديد أجندتها، ولم تكن زيارة غانتس لواشنطن دون علم نتنياهو بداية للخلاف بينهما بل هي حلقة جديدة تضاف لسلسة من الخلافات التي برزت للعلن منذ 7 أكتوبر تشرين الأول 2023. وفي خطوة غير مسبوقة ربما في تاريخ الاحتلال طلب نتنياهو من السفارة الإسرائيلية في واشنطن بعدم تقديم أي خدمات لغانتس أو مرافقته في الزيارة، ويبدو أن غانتس قام بترتيب زيارته لواشنطن من خلال مقربين منه وليس من خلال رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية.

إن غانتس منافس داخلي لنتنياهو وهو غريم له بالرغم من كونه جزءا من حكومة الحرب الحالية، ويتطلع غانتس بشكل واضح لموقع رئاسة الوزراء بعد نتنياهو وحاليا يتصدر حزبه بفارق كبير في الوقت الذي تتعرض فيه حكومة نتنياهو لضغوط كبيرة ولتهديدات بالانشقاق من عدد من أعضاء الائتلاف الحكومي.

كما أفاد استطلاع رأي أجرته صحيفة معاريف الإسرائيلية في نهاية ديسمبر كانون الأول 2023 أن 51% من المستطلعة آراؤهم من الإسرائيليين يرون أن بيني غانتس هو الأنسب لرئاسة الوزراء، بينما يقول 31%، إن بنيامين نتنياهو هو الأنسب. كما بيّن الاستطلاع أن حزب المعسكر الرسمي بقيادة بيني غانتس سيعزز قوته الانتخابية من 12 مقعدا إلى 38.

ولا يعد غانتس منافسا تقليديا فحسب لنتنياهو بل إن غانتس حاول في الأسابيع الأخيرة إجراء اتصالات مع وزراء وأعضاء في حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو من أجل الإطاحة بنتنياهو وسحب الثقة عنه وبالتالي من

المرجح أن غانتس قام بتقديم عروض لهم للانضمام لحزبه بعد الإطاحة بنتنياهو أو دعاهم لدعم مرشح غير نتنياهو لرئاسة الليكود.

وبالتالي فإن دعوة الإدارة الأمريكية لغانتس في هذا التوقيت هي إشارة دعم واضحة لغانتس في مقابل نتنياهو ولكن يمكن القول أن هذا الاستقبال يشير حتى اللحظة إلى أنه يأتي ضمن عملية تكثيف الضغط على نتنياهو، خاصة أن هذه الدعوة جاءت مع تصريحات من بايدن وكيربي تشير إلى الضغط من أجل فرض التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وسنحتاج إلى أن نرى ردود الفعل داخل دولة الاحتلال على هذه الضغوط.

وفي حال كان هناك تعنت لدى نتنياهو وحلفائه وتحدي لضغوط الإدارة الأمريكية التي أصبح هذا الملف جزءا من سياستها الداخلية في ظل اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية الحاسمة بعد قرابة 7 أشهر فإن الإدارة الأمريكية قد تلجأ إلى دعم أكبر لغانتس من أجل الإطاحة بحكومة نتنياهو من أجل إيصال حكومة جديدة يمكنها التناغم مع رؤية الإدارة الأمريكية أكثر من حكومة نتنياهو.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن مسؤولين في الإدارة الأمريكية بالرغم من الموقف الداعم لإسرائيل سياسيا وعسكريا فإنهم قد أطلقوا تصريحات تدعو لوقف الحرب والقلق من خطر المجاغة في غزة ومن هذه التصريحات تصريح كمالا هاريس قبيل لقاءها مع غانتس حيث دعت هاريس إلى وقف فوري لإطلاق النار، ودعت حكومة نتنياهو إلى اتخاذ خطوات لزيادة المساعدات لقطاع غزة الذي تقول الأمم المتحدة إنه معرض لخطر المجاعة، لتكون نائبة الرئيس الأميركي بذلك قد وجهت الانتقاد الأميركي الأكثر حدة لإسرائيل منذ بدء الحرب.

ولم يقتصر الأمر على واشنطن بل أتبع غانتس زيارته لواشنطن بزيارة إلى لندن وهذا يوسع الدعم الخارجي لغانتس ويزيد من الضغط على نتنياهو ويشير إلى تنسيق أمريكي بريطاني بشأن هذه الخطوة وهذا يجعل نتنياهو يستشيط غضبا من هذا الإجراء ولكن في نفس الوقت لا يتوقع أن تؤتي هذه الحراكات أكلها بل أن احتمال أن تأتي بنتائج عكسية ممكن أيضا حيث أن نتنياهو يعمل على تصليب ائتلافه اليميني الديني الذي لا يزال يدعمه طالما يستمر نتنياهو في حرب الإبادة للشعب الفلسطيني.

من الآثار الجانبية لاستقبال واشنطن ولندن للوزير غانتس أن تتشجع أطراف دولية أخرى على انتقاد حكومة نتنياهو والضغط عليها وهذا سيشكل مزيد من العزلة والإرباك على حكومة نتنياهو ولكن مع ذلك لا ينبغي أن ننسى أن الإدارة الأمريكية لا زالت تواصل الدعم العسكري لجيش الاحتلال الإسرائيلي وكانت دائما تستخدم حق النقض الفيتو في مجلس الأمن ومنعت التوصل لقرارات ملزمة لوقف إطلاق النار قبل ذلك.

إن ما تقوم به دولة الاحتلال تجاه غزة من حرب إبادة وتجويع أحدث ضجة كبيرة خاصة أن هذا الأمر هو سابقة في تاريخ الحروب في العالم أن يتم قتل الناس عبر التجويع ويتم مشاهدة ذلك عبر البث المباشر في كل أنحاء العالم دون القدرة من أي دولة في العالم على الضغط على حكومة نتنياهو من أجل وقف هذه الإبادة وهذا له ارتدادات مباشرة كما ذكرنا على الرأي العام الأمريكي وخصوصا في الانتخابات القادمة وعلى الرأي العام الدولي والقوى الأخرى في العالم التي ستقيّم هذه المرحلة أن تراجعا للقوة الأمريكية.

من المهم أن توظف الدول الداعمة للقضية الفلسطينية هذه الخلافات وموقف الإدارة الأمريكية الضاغظ على حكومة نتنياهو عبر إلقاء المزيد من الضغوط من أجل إيقاف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وخاصة مناطق شمال القطاع التي تتعرض للتجويع من قبل حكومة الاحتلال.

تسميات