f لماذا لا يستطيع الاحتلال تشكيل اليوم التالي في غزة؟ | السياسة الخارجية | SETA لماذا لا يستطيع الاحتلال تشكيل اليوم التالي في غزة؟ – SETA

لماذا لا يستطيع الاحتلال تشكيل اليوم التالي في غزة؟

في الحروب السابقة كان هناك أهداف واضحة ومعدة مسبقا من قبل جيش الاحتلال لكن هذه المرة هناك مشكلة واضحة وقد اشتكى الجيش علنا أن المستوى السياسي لم يحدد أهداف الحرب بشكل دقيق وأن ما تم إعلانه من أهداف ليست واقعية واليوم بعد أكثر من 107 على بدء الحرب لا يزال جيش الاحتلال وحكومته في حالة خلاف وتوتر حول إمكانية تحقق الأهداف.

بدأت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو عملية العدوان على قطاع غزة بشكل انتقامي دون أن تكون مدركة لطبيعة المشهد بعد انتهاء المعركة. لقد كان واضحا من تعدد الأهداف المتضاربة التي طغت على المشهد أنه لا يوجد هناك رؤية موحدة لما يسمى باليوم التالي في غزة.

لقد كان هناك أهداف من قبيل تدمير البنية التحتية للمقاومة تارة وترحيل قادة المقاومة من غزة قادة أخرى، لقد كان هناك أهداف من قبيل تهجير سكان شمال غزة إلى جنوبها وأهداف أخرى متعلقة بتهجير كامل سكان قطاع غزة إلى مصر. لقد رفض نتنياهو أن يتم تسليم السلطة الفلسطينية الحكم في غزة بعد العملية العسكرية وفق ما أعلنه، كما رفض بطبيعة الحال أن تحكم حركة حماس، والآن الحديث يدور عن رفض لقادة حماس وهو ما يؤكد التخبط والتغيير في الأهداف.

من المفيد أن نقول أن فكرة الاحتلال هي ورطة للمحتل وتزداد هذه الورطة في الوقت الحالي بسبب التشظي الذي تعيشه النخب الصهيونية داخل الكيان فالآن هناك من يطالب بالتوصل لصفقة والخروج من مأزق غزة بأسرع وقت وهناك من يصر على استمرار الأعمال العسكرية وفصل شمال القطاع عن جنوبه.

في الحروب السابقة كان هناك أهداف واضحة ومعدة مسبقا من قبل جيش الاحتلال لكن هذه المرة هناك مشكلة واضحة وقد اشتكى الجيش علنا أن المستوى السياسي لم يحدد أهداف الحرب بشكل دقيق وأن ما تم إعلانه من أهداف ليست واقعية واليوم بعد أكثر من 107 على بدء الحرب لا يزال جيش الاحتلال وحكومته في حالة خلاف وتوتر حول إمكانية تحقق الأهداف.

وهناك مشكلة من نوع آخر لدى الاحتلال وهي المشكلة الشخصية وللنخبة العسكرية المسؤولة عن الفشل العسكري والأمني والاستخباري في 7 أكتوبر تشرين الأول 2023، حيث يدرك نتنياهو أن وجود أهداف واضحة سواء تحققت أو تم الإقرار بعدم إمكانية تحققها يعني انتهاء الحرب في المدى القصير وبالتالي يجعل هذا أيام نتنياهو في رئاسة الوزراء معدودة واحتمال محاكمته وحبسه أقرب من أي وقت مضى كما أن المؤسسة العسكرية ستكون أمام حالة محاسبة شديدة بسبب المسؤولية عن الفشل في 7 أكتوبر والفشل الأكبر في ال 100 يوم التي تلته.

إن العملية المستمرة للاحتلال الإسرائيلي في غزة مأزق متعدد الأبعاد لدولة الاحتلال فالأمر لا يرتبط بغزة فحسب وإذا رأينا توسع العمليات في البحر الأحمر وتوسع استهداف الحوثيين لسفن الدول الداعمة للاحتلال ومن ثم توسع العمليات في لبنان ومؤخرا ضرب برج 22 في الأردن عبر المسيرات وهي سابقة من نوعها ووجود قتلى للجيش الأمريكي فإن هذا يخاطر بتوسع الجبهات التي باتت فكرة تعددها موجودة واقعا فما يجري في جنوب لبنان والبحر الأحمر والعراق وعلى الحدود الأردنية هو بالفعل جبهات مفتوحة وضاغطة على الاحتلال وإن كان بعضها ما زال في مستوى محدود. بمعنى أن كل يوم تزيد مدة العملية فيه يحمل معه احتمالا بتوسع المواجهة الإقليمية. وهذا يضيف تعقيدا على فكرة اليوم التالي التي يتم خوض الجدال حولها داخل أروقة الاحتلال الإسرائيلي.

من يريد أن يصنع اليوم التالي لابد أن يكون قويا متماسكا ومنتصرا ولهذا نجد أن هذه المواصفات من حيث القوة والتماسك والانتصار غير متوفر في يد الاحتلال الإسرائيلي ولديه مشاكل داخلية فلا سكان الغلاف قادرين أن يعودوا للغلاف ولا سكان الشمال قادرين للعودة لمستوطنات الشمال ولا الاحتلال قادر على إعادة أسراه من غزة وكل يوم يتزايد ضغط عوائل الأسرى.

وفي نفس الوقت إن تحول الاحتلال إلى مرحلة أقل شدة سيجعل المقاومة قادرة على إعادة ترميم نفسها وقوتها الميدانية وحتى الأجهزة الإدارية القريبة منها كما أن استنزاف حماس يعني بالضرورة استنزاف الكيان ولهذا يمكن القول أن حديث قادة الاحتلال عن اليوم التالي هو فقط لتطمين أنفسهم وكيانهم بأنهم قادرين على تشكيل المستقبل وهو تغطية على المجهول الذي ينتظر دولة الاحتلال فكل السيناريوهات تحمل في طياتها خيارات قاتمة لدولة الاحتلال.

تسميات