ماكرون يروج من جديد لـ”رهاب تركيا” خدمةً لمصالحه الضيقة

اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي مؤخراً لتبادل وجهات النظر حول مستجدات لقاحات كوفيد-19 وعلاقات دول القارة مع تركيا والولايات المتحدة وروسيا. وجاءت محاولات الأوروبيين لإيجاد طرق فعالة تشجع أنقرة …

اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي مؤخراً لتبادل وجهات النظر حول مستجدات لقاحات كوفيد-19 وعلاقات دول القارة مع تركيا والولايات المتحدة وروسيا. وجاءت محاولات الأوروبيين لإيجاد طرق فعالة تشجع أنقرة على العمل البنّاء مع الاتحاد، إيجابية وسارة.

كما أوصى “جوزيب بوريل” كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي القادة المجتمعين باتباع نهج “تقدمي ومتناسب وقابل للمعاملة بالمثل” مع تركيا من خلال خطة تتضمن اتخاذ خطوات إيجابية بشكل تدريجي ودون تنحية كاملة للمشاكل القائمة. وتم التركيز على تحديث الاتحاد الجمركي ومنع الهجرة غير الشرعية.

كذلك أشادت الزعيمة الألمانية أنجيلا ميركل بخطوات خفض التصعيد التركية في شرق البحر المتوسط ودورها المركزي في أزمة اللاجئين. كما وصفت أنقرة بأنها “شريك موثوق للغاية”.

في المقابل، سلط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة له مع قناة “فرنسا 5” الضوء على المشكلة الأوروبية التركية من خلال اعترافه أولاً بتركيا كحليفة في الناتو وشريك تجاري هام وحليف رئيسي في مكافحة الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا. ثم تحدث بعد ذلك عن المخاوف من وصول 3 ملايين سوري إلى القارة. وادعى أخيراً بأن تركيا سوف “تحاول التأثير” على الانتخابات الفرنسية.

فلماذا أطلق الرئيس الفرنسي بعدما تحسنت علاقته بالرئيس رجب طيب أردوغان مؤخراً، هذا الادعاء مباشرة قبل قمة زعماء الاتحاد الأوروبي؟ هل كان يحاول دحض الفكرة التي تجسدها المستشارة الألمانية وتدعمها بقوة، بأن أوروبا يجب أن تعمل مع تركيا؟ أم كان هدفه مجرد الاستمرار في لعب دور الشرطي السيئ؟ أم أنه أطلق تصريحاته لإظهار نفسه أمام الفرنسيين أنه لا يزال بإمكانه انتقاد تركيا ورئيسها؟

ربما يكون الجواب هو كل ما سبق.

ومع ذلك، من المؤسف أن يصر الرئيس الفرنسي على توجيه كل هذه الاتهامات برغم فشل محاولاته السابقة للإساءة للرئيس أردوغان. ومن المؤكد أن الادعاء بتدخل تركيا في الانتخابات الغربية على غرار روسيا والصين وإيران، غير مقبول نهائياً.

إنه ادعاء باطل ولا أساس له من الصحة بل هو علامة ضعف. وهو صفعة لمحاولة تركيا إصلاح العلاقة مع الأوروبيين.

والأسوأ من ذلك أن أحدث اتهامات ماكرون تشير إلى احتمال أن يبني حملته الانتخابية في العام المقبل حول تركيا، فهو يسعى لمحاربة “مارين لوبان” رئيسة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة اعتماداً على “تهديد” الإسلام وتركيا وأردوغان.

وللحقيقة فإن هذا النهج ليس جديداً بالكلية فقد اعتمد الساسة الأوروبيون بشدة على إثارة المخاوف وخصوصاً منذ استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لكن ماكرون الذي فشل في حل مشاكل فرنسا الاقتصادية وفشل في محاربة أردوغان في كل من سوريا وليبيا وإقليم “قره باغ” تحول هذه المرة إلى الشعبوية.

وراح يعمل على تحصين نفسه بـ “رهاب أردوغان” بالإضافة إلى خطاب “الانفصالية”. وبالرغم من كل ما ينتهجه من شعبوية رخيصة، لا بد من الاعتراف بأن ماكرون كان صريحاً في قضية واحدة وهي أنه أقرّ بمنتهى الوضوح أن تركيا تلعب دوراً رئيسياً في المصالح الإستراتيجية لأوروبا.

والحقيقة الأخرى التي يجب على ماكرون والآخرين أن يسلكوا مسار السلام بالاعتماد عليها، هي أن تركيا بقيادة أردوغان بلغت اليوم مكانة دولية جديدة ومرموقة وعلى أوروبا الآن التعامل مع أنقرة بشكل عادل ومنصف.

إن بحث الغرب عن صيغة سحرية بحيث لا تضطر أوروبا لـ “خسارة” تركيا دون تقديم تنازلات لرئيسها، هو بحث لا معنى له وسيثبت في نهاية المطاف عدم جدواه.

وختاماً، أوضح أردوغان ملامح المصلحة الوطنية لبلاده من خلال اتخاذ سلسلة من الخطوات لا عودة عنها والتي اعتبرها الأوروبيون “عدوانية”. وأصبحت الآن فكرة وجوب معاملة تركيا بإنصاف جزء لا يتجزأ من السياسة التركية.

تسميات