20 فبراير 2020 | في موقع الهجوم الإرهابي المسلح العنصري في هاناو ، هيسن ، ألمانيا ، استمر التحقيق في موقع الجريمة في ليلة اليوم التالي.

لا ذكر لاسم المسلمين في أوروبا

إن منفذ الهجوم الأخير ليس جاهلا انطوائيا بالعكس هو متخصص في الاقتصاد في سن الـ 43 ويتقن الالمانية والانجليزية..

نفذ إرهابي ألماني هجوما إرهابيا “معاديا للمسلمين” على مقهيين في مدينة هانو الألمانية، وبحسب التصاريح الرسمية فإن خمسة من المقتولين هم مواطنين أتراك، وقبل أسبوع فقط من هذا الهجوم تم القبض على منظمة كانت تخطط للقيام لهجوم بالقنابل على المساجد في ألمانيا.

 

وبعد يوم واحد من الهجوم طُعن مسلم في أحد المساجد ولكن هذه المرة في لندن، وتكمن أهمية هذه الأحداث في أنها تظهر وصول العداء للأتراك وللإسلام إلى حد الإرهاب، إلى جانب ذلك فإن منفذ الهجوم الأخير ليس جاهلا انطوائيا بالعكس هو متخصص في الاقتصاد في سن الـ 43 ويتقن الالمانية والانجليزية، إذا كيف يجب أن تُفسر هذه التطورات؟

في أوروبا هناك غضب متصاعد من كل الشرائح تجاه النظام السائد المستقر هناك والفاعلين الرئيسيين لهذا النظام، الطبقة الوسطى في أوروبا تحتضر، ويحاول تيار اليمين المتطرف حصد الأصوات عبر توجيه هذا الغضب باتجاه المسلمين، ولا يبدو أن الفاعلين الرئيسيين وتيار الوسط في هذا النظام المستقر منزعجين من هذا الوضع،فبينما يُحمل الوسط الأحزاب العنصرية اليمينية المتطرفة مسؤولية العنصرية يستعين بـ خطاباتهم المعادية للمسلمين في نفس الوقت.

من جديد خرج مارد العنصرية الألماني من مصباحه بروح معادية للمسلمين ولا يعلم أحد كيف سيتم إعادته.

 

وتلفت انتباهنا نقطتان عند النظر لردود الفعل الصادرة عن الاعلام والسياسيين الألمانيين على الهجوم الإرهابي الذي راح ضحيته مسلمون، الأولى إضفاء صورة الذئب المتوحش على القاتل عبر التأكيد على شخصيته المضطربة نفسيا، وهكذا يريدون فقط التغطية على العداء الساري في المجتمع والمؤسسات تجاه المسلمين، ولكن حتى لو تم القبول بأن الفاعل مريض نفسي فقد أظهر هتلر بوضوح ماذا تستطيع الذئاب المتوحشة أن تفعل، أما عن المناخ المعادي للمسلمين في أوروبا فهو يفسر بشكل واضح لماذا بدأت هذه الذئاب في التحرك الأن.

 

لا وجود لاسم الأتراك

 

علي الجانب الأخر الملفت للنظر هو عدم ذكر الإعلام والسياسيين الألمان لاسم الأتراك والأكراد الذين قتلوا في العملية وكأن العملية نفذت عشوائية ضد أية مجموعة أجنبية، حيث يتم استخدام تعبير “ذوي أصول مهاجرة” للإشارة لمواطنينا الأتراك والأكراد.

وكأنهم يريدون تجاهل حقيقة أن هناك حركة ارهابية وعنصرية موجهة للمسلمين في أوروبا.

 

بعد هذا الاعتداء بدأ الجميع في الحديث عن الإرهاب اليميني المتطرف، ولكن إلى الأن لم يجرؤ أحد على أن يلفظ بكلمة عن العنصرية أو الارهاب الموجه ضد المسلمين، لقد استولى الخطاب المعادي للإسلام على كل الشرائح من اليمين لليسار، في حين أن منفذ الهجوم الإرهابي النازي-الألماني يؤكد على ضرورة محو بعض الشعوب “الغير متطورة” في البيان الذي تركه خلفه، والجاني إذ يذكر الأفارقة والأتراك على وجه الخصوص فهو يشير أيضا إلى شعوب دول أغلبها مسلمة كباكستان والمغرب وسوريا، وبالنسبة لهذا الارهابي فالعرق الأبيض يتفوق على باقي الأعراق، وإنه لمن العجيب أن المنتمين للحزب الديمقراطي المسيحي والألماني الاجتماعي الذين يدينون هذا الهجوم هم أيضا يدلون بتصاريح مشابهة.

 

فمثلا منذ فترة قصيرة ادعى تيلو زاراتسين السياسي في الحزب الديمقراطي الاجتماعي في ألمانيا أن الأتراك “أغبياء ميالون للعنف” وبصورة مشابهة كان وزير الداخلية الألماني سيهوفر قد صرح بأن “الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا”

علاوة على ذلك دعا سيهوفر إلى استحداث “إسلام ألماني”عبر إعطاء رسالة للمسلمين المقيمين في ألمانيا بأن هويتهم الثقافية والدينية ليس مرحبا بها هناك

 

وبينما يتعدي الإرهابيون العنصريون على أرواح الأتراك/المسلمين يناقش التيار السياسي الألماني الرئيسي ووسائل إعلامه تحويل وتبديل الهوية التركية الاسلامية عبر سياسة الدمج والصهر.

 

إن العنصرية في القرن الواحد والعشرين تتجه لأن تتطور من عنصرية على أساس عرقي إلى عنصرية ثقافية تستهدف المسلمين.

 

هل تصبح جرائم القتل في هانو نازية جديدة NSU ؟ 

 

إن تيار الوسط الألماني الذي يُحمل حزب “البديل لألمانيا Afd” مسئولية الإرهاب الموجه للمسلمين لن يكون مقنعا ما لم يغير من سياسية الاستيعاب والدمج الثقافي ذو الاتجاه الواحد.

يستخدم تيار الوسط الألماني حزب البديل لألمانيا ككبش فداء ولكن حزب البديل لم يكن قد أنشأ أصلا في الوقت الذي ارتكب فيه النازيون الجدد جرائم قتل بحق ثمانية أتراك.

لم يحصل الرأي العام علي نتيجة ترضي ضميره في قضية النازيين الجدد التي سقط فيها الشهداء واحدا تلو الأخر وعوقب فيها ثلاثة أشخاص فقط ووضع على الوثيقة الموضحة للمسألة حظر للوصول لمدة 120 سنة، وهذا أيضا يكشف بوضوح عن أبعاد العنصرية المؤسساتية.

 

ويتضح من ذلك ان الدولة الألمانية لن تنجح في صراعها مع العنصرية ما لم تقم بتصفية المجموعات المعادية للأتراك والمسلمين الموجودة داخلها، والدولة الألمانية الأن بصدد اختبار جديد، وسيحدد سلوك المسئولين الألمان في التحقيقات الخاصة بالاعتداء في هانو ما إذا كانت هذه الجرائم ستتخذ شكلا جديد للنازية ام لا.

 

إلى جانب هذا يجب على الأتراك في أوروبا إنتاج خطاب يبين بوضوح حقيقة حكايتهم بدلا من استعارة خطاب التيار الرئيسي الألماني، لا يجب السماح بإنهاء المسألة عبر القول بأن الاعتداءات الإرهابية التي تستهدف المسلمين بشكل واضح مجرد ارهاب يميني متطرف.

على العكس لابد من بذل الجهد لفرض القبول بمصطلح “الإرهاب المعادي للمسلمين” في ألمانيا، وبهذا الشكل تُصنف الهجمات التي تستهدف اليهود في أوروبا كهحمات معادية للسامية، ولذلك لا يمكن القبول بتمرير عن الاعتداءات التي تستهدف المسلمين على أنها “إرهاب يميني متطرف”.

 

في الماضي كانت البنية المؤسساتية في أوروبا تفرق بين التركي الجيد – التركي السئ و المسلم الجيد-المسلم السئ ولكن الهجوم في هانو أظهر بوضوح أن التيار الجديد للإرهاب المعادي للاسلام لم يعد يفرق بين تركي وكردي أو علوي وسني أو محجبة وغير محجبة أو مؤيد لأردوغان ومعارض له، وعلي الأتراك في أوروبا أخذ هذه الحقيقة في الاعتبار والاتحاد والعمل سويا .

[جريدة صباح 22 فبراير 2020

تسميات