كيف سيتعامل بايدن مع ملفي تعزيز الديمقراطية وتركيا؟

يستعد جو بايدن ليصبح رئيساً رسمياً للولايات المتحدة هذا الأسبوع. وتعيش واشنطن العاصمة الأيام القليلة التي تسبق مراسم التنصيب في حالة تأهب قصوى لما قد يخبئه ما تبقى …

يستعد جو بايدن ليصبح رئيساً رسمياً للولايات المتحدة هذا الأسبوع. وتعيش واشنطن العاصمة الأيام القليلة التي تسبق مراسم التنصيب في حالة تأهب قصوى لما قد يخبئه ما تبقى من الفترة الانتقالية من احتمالات مثيرة للجدل. وقد أصبح تمركز الحرس الوطني في مبنى الكونغرس لمنع هجوم ثان من أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، أحدث رمز للديمقراطية الأمريكية المتهاوية.

وتواجه واشنطن حالياً تحدياً يتجاوز مساءلة ترامب أو منعه من خوض الانتخابات المقبلة، فمن المؤكد أن أزمة 6 يناير سيكون لها تأثيرات عميقة على السياسة الأمريكية، منها كيفية إبقاء موجة القومية البيضاء، التي أصبح الرئيس المنتهية ولايته رمزاً لها، تحت السيطرة خصوصاً بعدما تبين أن الجمهوريين أقل دعماً لعزل ترامب مما كان يتصور في الأصل.

ومن المتوقع أن تركز إدارة بايدن مبدئياً على السياسات الداخلية بدءاً من مكافحة جائحة كوفيد-19، فيما يتساءل المراقبون عن مدى تأثير اهتمام بايدن بالسياسة الداخلية على تعهد حملته بتشكيل “تحالف من الديمقراطيات” خصوصاً مع افتقار حكومته لوجود أعضاء بارزين، ما يفرض عليه الإشراف على ملفات السياسة الخارجية المختلفة بشكل شخصي.

ومع ذلك، فإن تعيين جو بايدن للعديد من الأشخاص المؤثرين من فريق الرئيس السابق باراك أوباما في مناصب رئيسية، يشير إلى أن تعزيز الديمقراطية سيظل على جدول الأعمال.

وبالرغم من أن محاولة إصلاح الضرر الذي أحدثته أزمات رئاسة ترامب الأخيرة مثل محاكمته ومزاعم الاحتيال وهجوم الكونغرس الذي ألحق الضرر بصورة واشنطن العالمية، ستشكل عناصر خطاب بايدن وممارسته في تعزيز الديمقراطية إلا أن السؤال الأهم هو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستحاول معالجة أزمة ديمقراطيتها من خلال التركيز على الساحة الدولية أو البحث عن طرق للتعامل معها بمفردها.

يبدو لي أن بايدن سيختار الجمع بين التعافي المحلي والتركيز المتجدد على التحالفات الدولية. وهذا يعني أن تعزيز الديمقراطية سيعود إلى الظهور في إطار تفاعل السياسة الداخلية والخارجية.

ومع ذلك لا يوجد سبب للاعتقاد أن الإدارة القادمة ستذهب إلى حد دعم تغيير النظام في البلدان الاستبدادية. بل إنها بدلاً من ذلك قد تتخذ خطوات لتعزيز التضامن بين الدول الديمقراطية.

والحقيقة أن رئاسة ترامب كشفت المشاكل التي تميل الديمقراطيات إلى مواجهتها عندما تجد نفسها معزولة.

وبالتالي فقد تكون الأولوية القصوى لبايدن هي توحيد حلفائه الديمقراطيين في أوروبا وآسيا ضد الصين وروسيا. وسيكون هذا الخيار تداخلاً جديداً بين الجغرافيا السياسية وقيم مثل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.

إن إلقاء نظرة سريعة على الترويج للديمقراطية في عهد رؤساء الولايات المتحدة السابقين، بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وأوباما لا يكشف عن أية إنجازات مهمة.

وواشنطن تتمتع بالخبرة الكافية لإدراك أن مثل هذه القرارات السياسية لا تسفر عن نتائج إذا لم تؤخذ المصالح الجيوسياسية لحلفاء أمريكا في الاعتبار. ومن الصعوبة بمكان تصديق أن الأوروبيين سينضمون إلى تيار الترويج للديمقراطية وينسفون الجسور بينهم وبين روسيا والصين. ومع ذلك قد يقوم الأوروبيون بسبب الموجة الجديدة بتعزيز أجندة حقوق الإنسان مجدداً.

كما سيتم تنفيذ سياسة إدارة بايدن المحتملة لتعزيز الديمقراطية من خلال تضامن الناتو أو علاقات أقوى مع الاتحاد الأوروبي. لكن الكثيرين يتساءلون عن موقف بايدن من تركيا عند توليه الرئاسة بعد أن تعهد خلال الحملة الانتخابية بدعم تغيير الحكومة فيها.

وللإجابة عن تلك التساؤلات هناك خياران على الطاولة.

فإما أن ينخرط بايدن بصفته سياسياً متمرساً يعرف تركيا وجيرانها، في دبلوماسية “زعيم لزعيم” مع الرئيس رجب طيب أردوغان ويعزل مناطق الخلاف، بدءاً من نظام الدفاع الجوي إس-400.

وهكذا تبدأ تركيا والولايات المتحدة بداية جديدة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط والبحر المتوسط والبحر الأسود والقوقاز. ويؤدي هذا الخيار إلى تعاون وثيق على تعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط وتحقيق التوازن في روسيا والمساهمة في الأمن الأوروبي.

وإما أن يتولى خصوم تركيا داخل إدارة بايدن تحديد إيقاع العلاقات الثنائية، وتستهدف واشنطن أنقرة كجزء من أجندة “الديمقراطية”، مستشهدة بالتوترات القائمة حول شرق البحر المتوسط وسوريا وتنظيم ي ب ك/بي كا كا.

وهو خيار مصيره إلى الفشل لأن الولايات المتحدة التي لم تستطع حتى تغيير الحكومات الاستبدادية مع غزو بلدانهم، لا تحتاج إلى خسارة تركيا الحليف الديمقراطي الغربي. بل على العكس تماماً، إعادة ضبط العلاقات مع تركيا تجاه حلف الناتو والاتحاد الأوروبي يخدم مصالح جميع الأطراف.

 

تسميات