f خمسة أسئلة: زيارة الرئيس أردوغان للجزائر | السياسة الخارجية | SETA خمسة أسئلة: زيارة الرئيس أردوغان للجزائر – SETA

خمسة أسئلة: زيارة الرئيس أردوغان للجزائر

ما أهمية زيارة أردوغان للجزائر ؟ وما هي مقاربة الجزائر تجاه الأزمة الليبية ؟ ، ما هي الخطوط الحمراء للجزائر في أزمة ليبيا ، ولماذا بدأت تركيا والجزائر في التقارب ؟

1– ما أهمية زيارة أردوغان للجزائر ؟

يزور أردوغان الجزائر في الخامس والعشرين من يناير في إطار جولته الإفريقية ، تعتبر هذه الزيارة هي أول زيارة خارجية مرتبطة بالأزمة الليبية بعد مؤتمر برلين وكونها موجهة إلى الجزائر فقد  أكسبها ذلك  أهمية ضخمة ، فالجزائر بدأت في السعي  للعب دور أكثر نشاطا في الأزمة الليبية تحت قيادة الرئيس عبد المجيد تبون بعد أن اجتازت الأزمة السياسية الداخلية بانتخابات الثاني عشر من ديسمبر  .

وتهدف الجزائر التي تملك حدود بطول 982 كم مع ليبيا لإنهاء الحرب الأهلية في ليبيا في مدة زمنية قصيرة لكونها علي وعي بما قد يسببه غياب الاستقرار وما سينجم عن الفوضى في هذا البلد من أضرار عليها .

كما أن الجزائر تمتلك قوة عسكرية ودبلوماسية مهمة في شمال أفريقيا ، ولهذا سيكون لموقف الجزائر تأثير مهم على تغيير مسار الحرب الأهلية في ليبيا وأيضا اكساب تركيا ميزة الحصول على الدعم من دولة مجاورة لمسرح الأحداث .

وبينما تقدم الجارة الأخرى لليبيا  مصر دعما صريحا لحفتر , لا تحصل حكومة الوفاق الوطني الشرعية على أي دعم مالي أو عسكري ملموس من جيرانها  ، لذلك تمثل الجزائر عنصر توازن محتمل في مواجهة تحالف حفتر- مصر.

وفي هذا السياق فإنه إذا استطاعت حكومة الوفاق الحصول على دعم الجارة الجزائر إضافة إلى الدعم العسكري والاقتصادي الذي تلقته من تركيا في إطار اتفاقية المنطقة الاقتصادية لشرق المتوسط الموقعة في السابع والعشرين من نوفمبر الماضي بين تركيا وليبيا ، فإن ذلك قد يقوي من موقف حكومة الوفاق ويتسبب في تراجع حفتر وميليشياته

2-كيف تتعامل الجزائر مع الأزمة الليبية ؟ / ما هي مقاربة الجزائر تجاه الأزمة الليبية ؟

الجزائر وهي أكبر دولة أفريقية من حيث المساحة تعاني من مشاكل أمنية في السيطرة على الحدود نظرا لطول حدودها ، ولدي الجزائر مشاكل أمنية وبالتحديد في منطقة الساحل في الجنوب حيث تنتشر أعمال التهريب والإرهاب وتدفق المهاجرين، وتتسبب الحرب الأهلية الليبية المستمرة منذ عام 2011 في تفاقم المشاكل الأمنية التي تعيشها الجزائر منذ القدم ، ويساهم مناخ عدم الاستقرار السياسي في ليبيا والخلل الأمني على الحدود في انتشار أعمال التهريب في منطقة الساحل و توفير مسرح عمليات للمجموعات الإرهابية

ولهذا فإن مقاربة الجزائر نحو الأزمة الليبية من منظور أمني  تقوم على إنهاء النزاع الداخلي الليبي بأقصي سرعة  وإحلال الأمن والاستقرار ، ومع هذا فإن الجزائر لا تقبل بسيطرة حفتر منفردا علي ليبيا كما هو الحال مع نظام السيسي في مصر ، لأن ليبيا ومنذ العهد العثماني تنقسم لثلاثة مناطق فيدرالية مختلفة هي طرابلس ، سيرانكيا (بنغازي ومحيطها) ، فيضان ، ولو أن تلك المناطق قد توحدت في عهد القذافي كنتيجة للتعاون مع القبائل فإنه تاريخيا , ظلت طرابلس وسيرانكيا على وجه الخصوص في حالة تنافس، ولهذا ليس بوسع حفتر الإنقلابي إدارة تلك المناطق التي يسودها التنافس القبلي بمفرده ، ولأن الجزائر علي وعي بذلك الوضع فهي تدرك أن حفتر لن يستطيع توطيد الأمن في حالة سيطرته منفردا على ليبيا، ولهذا فإنه إذ تعبر الجزائر بشكل مستمرعن إيمانها بضرورة حل الأزمة عبر التوافق السياسي فهي أيضا تعارض تمكين حفتر من السلطة في ليبيا بصورة غير مشروعة بمساعدة فرنسا ومصر والإمارات.

أما عن الجيش اللاعب الأكثر تأثيرا في السياسة الجزائرية -وبالخاصة الجناح الوطني الذي يمثله رئيس الأركان أحمد قايد صالح المتوفي في شهر ديسمبر المنصرم- فهو ينظر بعين الشك لوصول جنرال عمل في السابق مع جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA إلي السلطة في ليبيا ، ومن هذه الزاوية فإن إجراء الجزائر لمناورة “بركان 2020” على الحدود الليبية قبل أسبوعين وانضمام رئيس أركان حرب القوات المسلحة سعيد شنقريحة بنفسه لهذه المناورة يوضح دور الجيش الجزائري في الأزمة الليبية .

3- ما هي  خطوط  الجزائر الحمراء في الأزمة الليبية ؟ 

كان فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني قد صرح في زيارته التي أجراها للجزائر في السابع من يناير بأن الرئيس تبون “يعتبر طرابلس خطا أحمرا ويتمنى ألا يتخطى أحدا هذا الخط” .

في تتمة الخطاب يؤكد الرئيس تبون على ضرورة دعم حل سياسي يحافظ على  وحدة وسلامة ليبيا بدون تدخل أجنبي.

تدرك الجزائر أن استيلاء حفتر علي طرابلس سيتسبب في حدوث فوضى ويعمق الأزمة في ليبيا بدلا من إحلال الإستقرار فيها ولهذا فإنها أعلنت أن طرابلس تمثل خطا أحمرا بالنسبة لها ، وتنتظر الجزائر التي اتخذت نفس الموقف في مؤتمر برلين توصل كلا من حكومتي طبرق وحكومة الوفاق لحل سياسي معارضةً سيطرة حفتر على ليبيا عبر إنقلاب عسكري.

4- لماذا بدأت تركيا والجزائر في التقارب ؟

تمتلك الجزائر وتركيا علاقات طيبة اقتصاديا ودبلوماسيا ، تأتي الجزائر في المرتبة الرابعة في قائمة موردي الغاز الطبيعي لتركيا بعد كل من روسيا وإيران وأذربيجان .

بالشكل نفسه, لدى تركيا استثمارات صناعية وتجارية مهمة في الجزائر ، ونظرا لأن الجزائر دولة تولي أهمية كبرى للتسلح فإن العلاقات بين البلدين في مجال الصناعات الدفاعية مستمرة في التطور ، على أن جدول الأعمال الرئيسي للتقارب التركي الجزائري الحالي هو الأزمة الليبية ، وإذا كانت  أرادت دول شرق المتوسط نبذ تركيا واستبعادها من تلك المنطقة , فبنفس الشكل أيضا فالجزائر يتم استبعادها من أزمة ليبيا وبالأخص في أخر عامين ، وبناءا عليه فإن رغبة تركيا في حماية حكومة الوفاق الوطني والحفاظ على المعاهدة التي أقامتها معها لحماية حقوقها في شرق المتوسط تلتقي مع رغبة الجزائر في إنهاء مناخ عدم الاستقرار السياسي في ليبيا لتجمع الدولتين على أرضية مشتركة من ناحية أمنية ، وفي هذا السياق فإن التقارب التركي الجزائري هو نتيجة لاحتياج تقتضيه المصالح المشتركة والروابط التاريخية .

تتخذ الجزائر موقفا مغايرا لفرنسا في الأزمة الليبية علي العكس من عهد بوتفليقة الذي اكتسبت فيه  فرنسا نفوذا قويا ، ولهذا ينزعج الجيش والسلطة الحاكمة من اقدام فرنسا على اتخاذ  خطوات من شأنها أن تهدد أمن الجزائر في ليبيا ومنطقة الساحل ، ولهذا السبب تتخذ موقفا معاديا لحفتر وتتخذ نفس موقف ايطاليا وتركيا داعمتين لحكومة الوفاق ، ولكن تُظهر تصريحات المسئولين الجزائريين عدم تبلور الموقف الجزائري والوقوف على نفس المسافة من كلا الطرفين المتنازعين في ليبيا  .

و لأن الهدف الأساسي للجزائر هو انهاء الأزمة في ليبيا عن طريق حل سياسي والحول دون انفراد حفتر بالسلطة ،  في هذا السياق فإن زيارة الرئيس أردوغان ربما تسرع من وتيرة التقارب التركي الجزائري علي أساس ما تدعمه الدولتان من حل سياسي ووقف إطلاق النار

 

5- ما هي فرص التعاون التركي الجزائري في ليبيا ؟

تنفق الجزائر أكبر مستورد للسلاح في أفريقيا ما يقرب من 10 مليار دولار سنويا منذ عام 2012 علي الدفاع ، يؤكد الخبراء أن إعطاء الجزائر هذا القدر من الأهمية للتسلح يمكن ربطه بسباق التسلح مع المغرب إضافة إلى رغبة الجزائر في توطيد الأمن في مناطقها الحدودية ، وقد رفع هذا التسلح الجيش الجزائري إلى موقع مؤثر في الشمال الأفريقي ، تستطيع الجزائر وتركيا أن ترفع من قواتهما الردعية تجاه حفتر والدول الداعمة له وتسرعا من وتيرة التعاون الأمني بين الدولتين عن طريق توسيع التعاون العسكري بينهما في ليبيا.

في حالة عدم تنفيذ القرارات الصادرة عن مؤتمر برلين واستمرار حفتر الانقلابي في الهجوم على الحكومة الشرعية يمكن طرح خيار التعاون العسكري بين الجزائر وتركيا في ليبيا علي الطاولة  ، من ناحية أخري في وسع البلدين التحرك المشترك سياسيا ودبلوماسيا وتمكين حكومة الوفاق من الاستمرار وتقوية موقفها ضد حفتر ، في هذا السياق ستُزيد الإتصالات الدبلوماسية لتركيا مع كلا من الجزائر وإيطاليا المتدخلتان بصورة مباشر في الأزمة الليبية من فرص التعاون مع القوى الدولية .

تسميات