تقدير موقف: مكافحة أفريقيا لفيروس كورونا

في أي مرحلة تقف أفريقيا في مكافحة فيروس كورونا؟ هل تستطيع الدول الأفريقية أن تكافح الوباء بمواردها الخاصة؟ هل البنية التحية الصحية في أفريقيا كافية لمكافحة الفيروس؟ ما هي الدول والمنظمات والشخصيات التي تقدم الدعم لأفريقيا في مكافحتها فيروس كورونا؟ لماذا تحول الصينيون في أفريقيا والأفارقة في الصين إلى موضع استهداف؟

مدخل

إن أفريقيا التي تكافح منذ أعوام طويلة أمراض مثل وباء إيبولا، والملاريا، والالتهاب الكبدي الوبائي، وفيروس زيكا، ومرض نقص المناعة المكتسبة (إيدز)، تواجه اليوم وباءاً أكثر فتكاً. ففيروس كورونا (كوفيد-19) الذي ظهر للمرة الأولى في مدينة وهان الصينية ثم تحول إلى وباء عالمي فد انتشر في دول أفريقيا الأربعة وخمسين [1]. أفريقيا التي سجلت بها الغالبية العظمى من الوفيات من جراء الأمراض المعدية في العالم شهدت أعداد متدنية للإصابات بفيروس كورونا مقارنة بباقي المناطق. ولكن تدني أعداد المرضى المصابين بالفيروس ذو صلة قريبة بقابلية النظام الصحي. إذ أن أفريقيا التي تعاني نقصاً حاداً في أعداد الأطباء والممرضين وعمال الدعم الصحي من أجل مكافحة الفيروس لا تمتلك الموارد المالية الكافية لمواجهة الأوبئة. مثلا، يفقد ستة ملايين شخصاً حياتهم بمعدل سنوي جراء أمراض من الممكن علاجها وذلك نتيجة عدم كفاية الخدمات الطبية الأساسية [2]. ارتفاع الوفيات من جراء الأمراض التي يمكن علاجها إلى هذا الحد تسبب في ارتفاع مستوى تهديد الفيروس الفتاك المستجد. ولهذا السبب فأفريقيا ذات البنية التحتية الصحية الضعيفة انعدام تأثير المؤسسات العامة والمستوى التكنولوجي المتدني والغذاء والمياه الشحيحة والمواءمة الصحية المحدودة لديها العديد من المشاكل في مواجهة فيروس كورونا[3].

وفقاً لبيانات البنك الدولي، فإن بلدان أفريقيا التي تخصص ما بين 15 لـ 80 دولار سنويا للإنفاق الصحي للفرد لم تتمكن بعد من الوصول إلى المستوى الكافي حتى ولو رفعت من إنفاقها على الصحة في الفترة الأخيرة. يمكن فهم قصور النظام الصحي لأفريقيا بشكل أفضل إذا ما أخذنا في عين الاعتبار أن المعدل السنوي للإنفاق الصحي للفرد عالمياً هو ألف دولار [4]. علاوة على ذلك؛ فالخدمات الصحية الأساسية لا يتمكن جزء كبير من الشعب في الدول ذات الكثافة السكانية العالية مثل الكونغو وجمهورية الكونغو الديموقراطية وإثيوبيا وتنزانيا وتوغو من الحصول عليها. أما عن فيروس كورونا المستجد فمن الممكن أن ينتقل بالوضع إلى مناخ أكثر فوضوية. فالدول التي تحركت عقب ظهور الفيروس في القارة في الرابع عشر من فبرير لم تتمكن من إجراء عملية المسح الصحي اللازمة بسبب عدم توفر أدوات الاختبار[5]. عدد الاختبارات المحدود بدوره صعَّب من مكافحة الدول للمرض.

 في هذه الدراسة يتم تناول مكافحة أفريقيا لفيروس كورونا وتحليل كيفية تأثير الوباء على المنطقة.

جدول 1. فيروس كورونا في أفريقيا (30 أبريل/نيسان 2020)

14 فبراير/شباط 2020 تاريخ أول إصابة
35371 عدد الإصابات
1534 عدد الوفيات
11727 عدد المتعافين

Africa Union CDCالمصدر:

فيروس كورونا والأوبئة في أفريقيا

تواجه أفريقيا مشاكل مزمنة والتي منها الفقر، والفساد، والتغير المناخي، والكوارث الطبيعية، والأمراض، والحروب الداخلية، وملايين من اللاجئين الذين أُخرجوا من بيوتهم . وفضلا عن المشكلات الموجودة، جلب الفيروس الفتاك القادم من أوروبا في إثره وفيات جديدة، في قارة يعتبر الحصول على الماء النظيف فيها رفاهية. على أن الوباء ما زال في مستوي البداية في أفريقيا ذات العدد المتدني من الإصابات. يفرض هذا الوضع على أفريقيا القارة الأقل تقدما من الناحية الاقتصادية أن تقوم بمكافحة الوباء بشكل أسرع مقارنة بالدول المتقدمة. فأفريقيا لا تمتلك القوة الاقتصادية والبنية التحتية الصحية الكافية لمكافحة وباء جديد باعتبارها قارة لم تتخلص من أمراض مثل الإيدز والدرن والكوليرا. يمكن أن تواجه دول القارة التي تنقصها المعدات والفرق الطبية الكافية خسائر في الأرواح بأعداد مرتفعة وذلك عند الأخذ في الاعتبار احتمال أن ينتشر فبروس كورونا في عموم القارة. لدى فيروس كورونا القدرة على إلحاق الضرر بالبنى الاقتصادية الهشة إلى جانب تهديد للمجتمع من الناحية الصحية[6]. وفقاً لتوقعات البنك الدولي، فوباء كورونا الذي سيتسبب في تكلفة تقدر بمئة مليار دولار على الدول الأفريقية عام 2020، سيضعف أيضاً الموارد المالية الخارجية بسبب تحوله إلى وباء عالمي[7]. وبالتدقيق في مواجهة أفريقيا للأمراض المعدية في الفترة السابقة؛ يمكن القول إن الأمراض مثل إيبولا تجلب في إثرها عديد من المشاكل. ففي الوقت الذي عجزت الحكومات التي كانت تطبق إجراءات الحجر الصحي للحيلولة دون انتشار إيبولا عن إبطاء سرعة عدوى الفيروس لم تتمكن من القيام بتمكين الشعب من الحصول على المواد المعيشية الكافية على المستوى اللائق. أما عن إجراءات الحجر الصحي التي كُلفت الجيوش فيها بمراقبة سير حظر التجول فقد تسببت في الحاق الضرر بالفقراء أكثر من المرض[8]. كان فيروس إيبولا الذي بدأ في غينيا عام 2013 قد أصاب 29 ألف شخص في فترة قصيرة متسبباً في وفاة 12 ألف شخصاً [9]. واستمر المرض الذي أثر بشكل عميق على غينيا وليبيريا وسيراليون لمدة ثلاثة أعوام. على أي حال، تمكنت أفريقيا من تخطي الفيروس الذي كان بعيد الأثر في دول غرب أفريقيا عبر المساعدات القادمة من المؤسسات الدولية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. ومرض إيبولا الذي ظهر في مناطق مختلفة منذ السبعينيات يطلق عليه الحمى النزفية الوبائية. وقد كانت أفريقيا أكثر القارات التي تسبب لها في خسائر بالأرواح. أما عن المرض الأكثر فتكاً مقارنة بإيبولا والذي تسبب في أكبر عدد من الخسائر في قارة أفريقيا فهو فيروس الإيدز. الفيروس المعروف بأن درجة فتكه تفوق ضعفي أو ثلاثة أضعاف قدرة بقية الأمراض هو أحد أنواع الأمراض المعدية التي تواجهها القارة منذ أعوام [10]. بالرغم من كل الصعوبات، تكافح أفريقيا العديد من الأمراض منذ أعوام طوال مثلما تفعل مع فيروس كورونا اليوم. ويمثل السؤال “كيف لقارة تعاني قصوراً في البنية التحتية الصحية أن تواجه الفيروس الجديد؟” أحد أهم الألغاز.

في الدول الأوروبية وبالرغم من توافر أجهزة التنفس الصناعي -التي تعد أكثر المعدات الطبية فعالية في مواجهة فيروس كورونا- بعشرات الآلاف إلا أن هذا العدد يُعبر عنه بأرقام مئوية في بلدان أفريقيا. فعلى سبيل المثال؛ في نيجيريا ذات المائتي مليون نسمة يوجد أقل من خمسمائة جهاز تنفس صناعي [11].

يمكن القول إن فيروس كورونا يمكن أن يخلف وفيات أكثر في القارة مقارنة بالمناطق الأخرى وذلك عندما نأخذ في الاعتبار أن هناك ما يزيد عن عشرة آلاف شخص لكل طبيب[12]. ووفقاً لتوقعات الأمم المتحدة، يحتمل أن تكون أعداد الوفيات في أفريقيا بين 300 ألف و3.3 مليون. علاوة على ذلك؛ ربما يسقط 29 مليون شخصاً تحت خط الفقر بسبب الفيروس [13] . ولكن لابد من أن نأخذ بعين الاعتبار أن الفيروس سيسلك مساراً مختلفاً عن باقي المناطق في قارة متوسط الأعمار فيها 19.7.

الصعوبات والتدابير والمساعدات الخارجية في مكافحة فيروس كورونا في أفريقيا

إن وفاة رئيس الكونغو السابق جاك أوبانغو ورئيس الوزراء الصومالي السابق نور حسن جراء الإصابة بفيروس كورونا هي إشارة إلى أن القارة قد انتقلت إلى مرحلة مهمة في مكافحتها للفيروس. فإذا كان وصول مسئولي الدولة رفيعي المستوى إلى النظام الصحي أسهل؛ فإن هناك غموضاً يلف مسألة كيفية مواجهة المواطنين العاديين للمرض. إن تأكيد رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد على ضرورة تقديم مساعدات عاجلة ب 150 مليار دولار من أجل مكافحة الوباء في القارة يكشف بوضوح عن مدى مأساوية الوضع [14]. ودعماً منها لتصريحات رئيس الوزراء الأثيوبي، أكدت الأمم المتحدة على حاجة البنية التحتية الصحية إلى دعم عاجل يقدر ب 100 مليار لمكافحة الفيروس[15]. إضافة إلى ذلك، أعلنت الأمم المتحدة أن مورد مالي يقدر بمئة مليار دولار أخرى هو أمر ضروري من أجل اقتصاد أفريقيا. يتضح لنا مدى شح الموارد الموجودة بشكل أفضل عند الأخذ بعين الاعتبار أن 34% فقط من سكان القارة يمكنهم الحصول على الماء. تعتبر أسعار النفط المنخفضة والضائقة الموجودة في قطاع السياحة والطلب الخارجي المتناقص هي المصاعب الأخرى التي تواجه بلدان أفريقيا، إلى جانب الصعوبات التي سببها الفيروس.

إن محدودية موارد المساعدات الخارجية بسبب الوباء العالمي تنقل عملية مواجهة القارة للفيروس إلى موضع أكثر حرجاً. تحول الفيروس إلى فوضي داخلية في البلدان التي تمثل أكبر موردي المستلزمات الطبية لأفريقيا يصعب أيضاً من استيراد المستلزمات الطبية [16]. في الشكل 1 ملحق توقعات قسم الاقتصاد الأفريقي في الأمم المتحدة حول كيفية تأثير فيروس كورونا على القارة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية. عند النظر للشكل بشكل عام يمكن أن نستشف أن أفريقيا ستجتاز طريقاً وعراً في مكافحتها للفيروس.

COVID-19 in Africa: Protecting Lives and Economies, (united nations, Ethiopia:2020) p.8.المصدر:

 

إن التدابير التي تلجأ إليها الدول من أجل السيطرة على الفيروس ومن ضمنها حظر التجوال ستجلب في إثرها مشاكل جديدة بالنسبة للأفارقة. حيث تشكل العمالة الأفريقية المرتبطة بالأعمال اليومية حوالي 70% من إجمالي القوة العاملة[17]. ويتمثل أحد أهم الألغاز في السؤال “كيف سيلبي السكان العاملون بأعمال يومية احتياجاتهم الأساسية إذا ما تم تطبيق حظر تجوال عام؟”. إن إجراءً كهذا لا يستطيع القطاع العام توفير الدعم المالي له بشكل كاف سيؤدي إلى وضع أكثر سوءاً بالنسبة للسكان الذين يعانون أصلا من أجل الحصول على الغذاء والماء وبقية السلع الرئيسية. فوق كل ذلك؛ من الواضح أن قطاع الخدمات الذي يستحوذ على النصيب الأكبر من إجمالي القوى العاملة في أفريقيا سيتأثر من إجراءات الحجر الصحي. ولن يكون من الممكن إعادة تشغيل الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم في قطاع الخدمات من جديد إلا على المدى البعيد. ويسري نفس الأمر على السياحة وهي إحدى مصادر الدخل الهامة بالنسبة للقارة[18]. أما عن خطوط النقل الجوي التي وصلت إلى نقطة التوقف لارتباطها بالسياحة فتأتي ضمن مصادر الدخل الهامة الأخرى للدول الأفريقية.

إن تسبب الوباء الذي أثر على العديد من القطاعات في نقص الإيرادات وزيادة المصروفات يتمثل أمامنا كمأزق ثنائي تواجهه بلدان أفريقيا[19]. ولكن التعثر المالي للعديد من الدول المتقدمة التي يمكن أن تقدم المساعدات للقارة بسبب الفيروس يجعل الوضع أكثر تعقيداً بالنسبة للقارة. وفي هذه النقطة تتميز الدول التي لم تهمل المساعدات الخارجية بالرغم من الوباء العالمي مثل تركيا والصين وكوريا الجنوبية. إعلان الاتحاد الأوروبي عن حزمة مساعدات تقدر ب 20 مليار يورو لمكافحة الوباء في أفريقيا إذن د له أهمية رمزية فقط بالنسبة للقارة [20] . أما عن نسب استفادة البلدان الأفريقية من هذه الحزمة فمازال الغموض يلتفها. ويتوفر لدول أفريقيا مصادر مالية بديلة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الأوروبي والبنك الأسيوي للاستثمار في البنية التحتية.

ينذر فيروس كورونا بمشاكل جديدة في قارة يعيش فيها سبعة وعشرون مليون شخصاً بفيروس الإيدز ويعاني فيها أكثر من خمسين مليون طفلاً من أمراض مختلفة بسبب نقص الغذاء. تتضح أبعاد الخطر المحدق بالقارة بشكل أفضل عندما نأخذ في عين الاعتبار أن فيروس كورونا يلحق ضرراً أكبر بالأشخاص ذوي الأمراض المزمنة. تقدم العديد من الدول والمنظمات والشخصيات المساعدة للدول الأفريقية التي عجزت عن إظهار رد الفعل اللازم على أزمة الوباء. على سبيل المثال، أعلن جاك ما هير مؤسس شركة على بابا عن تقديمه مساعدات تُسلم لكل دولة في أفريقيا تتضمن 1.1 مليون أداة اختبار، وستة ملايين كمامة، وستين ألف زي واقي. علاوة على ذلك؛ وفرت حكومة بكين دعماً ب 1.5 مليون أداة اختبار و5.4 مليون كمامة لأثيوبيا [21]. الصين أيضاً التي دعمت نيجيريا بعاملين صحيين وكينيا بمساعدات غذائية وغانا بتوريد المستلزمات الطبية وأوصلت المساعدات إلى العديد من الدول الأفريقية تدعم بدورها مكافحة القارة للوباء[22]. على أن هناك بعض من دول المنطقة أبدوا تحفظاتهم على مسألة المساعدات. فبينما تطالب منظمات المجتمع المدني في نيجيريا بعدم قبول المساعدات القادمة من حكومة بكين، يؤكد البعض في كينيا على ضرورة رد المستلزمات القادمة بحجة أن الوباء صيني المصدر[23].

تُقابل المساعدات الطبية لدول مثل تركيا وكوريا الجنوبية في المنطقة بشكل إيجابي أكثر مقارنةً بالصين[24]. فمثلا؛ قدمت كوريا الجنوبية مساعدات تتضمن أدوات اختبار لدول مثل المغرب وجنوب أفريقيا ومدغشقر. وكذا فالمستشفى الذي أُقيمت في العاصمة الكينية بمساعدات كورية جنوبية في عام 2008 احتلت موضعاً مركزياً في مكافحة الفيروس في البلاد[25].

إن إرسال تركيا مستلزمات طبية إلى العديد من المناطق يمثل أحد الأمثلة الجميلة للتكاتف في أوقات الأزمات الدولية. حيث قُوبلت المساعدات الإنسانية التي تٌقدم بدون مقابل مادي بشكل جيد في دول المنطقة مثل ليبيا وتونس والصومال والجزائر[26]. علاوة على ذلك؛ فإن رفع الدعم المالي المقدم لبنك التنمية الأفريقي -مع القرار الذي صدر في شهر مارس- يكشف مرة أخرى عن الأهمية التي تعطيها تركيا للتنمية الأفريقية[27].

الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً وبالرغم من محدودية دعمها الطبي لمكافحة الوباء في القارة نرى أنها قدمت المساعدة لعدد قليل من الدول بواسطة الأطباء العسكريين. هذا وقد وصل إجمالي المساعدات الأمريكية لمكافحة الفيروس في القارة إلى ما يقارب الـ 27 مليون دولار[28]. ويمكن أن نعتقد أن دور الولايات المتحدة قد تراجع بالنظر إلى أن البنك الدولي قد منح دعماً يقدر ب 370 مليون دولار لعشرة دول أفريقية مختلفة[29]. بالتوازي مع ذلك؛ فإن استفادة بعض الدول مثل الصين سياسياً من مناخ عدم الاستقرار أمر لا مفر منه.

لماذا يُستهدف الصينيون في أفريقيا والأفارقة في الصين؟

لقد مهد ظهور فيروس كورونا في الصين وانتشاره منها إلى العالم الأرضية لتشكيل أحكام سلبية في العديد من الدول تجاه حكومة بكين. الأحكام السلبية التي تشكلت جلبت في إثرها اعتداءات عنصرية. فالخطاب السلبي الذي تطور أولاً ضد السياح الصينيين ثم اتسع ليشمل المساعدات التي قدمتها الصين فيما بعد للدول التي تكافح فيروس كورونا تم التعبير عنه بوضوح في العديد من الدول. ففي الوقت الذي تطور فيه بعض البلاد انتقادات بخصوص مسألة المساعدات كان هناك من يدعى أن المستلزمات الطبية المأخوذة من الصين موبوءة أو رديئة. ويمكن إبراز دول مثل نيجيريا وكينيا وأستراليا وإسبانيا وهولندا وإنجلترا كمثال على المسائل التي تم التطرق إليها في الأعلى[30].

إن إقصاء الأفارقة ونبذهم في الأماكن المفتوحة للمجتمع وطردهم من الفنادق وتعرضهم للاعتداءات العنصرية ذات الصلة القريبة بخطابات احتمالية عودة فيروس كورونا عن طريق الأفارقة. ومن المعروف أن العديد من الأفارقة بل وحتى المواطنين الأمريكيين السود يعانون من نفس الوضع وذلك بعد الأحداث التي وقعت جنوبي الصين. كانت تحركات السلطات المحلية في الصين الداعمة لهذه الأحداث قد فتحت الطريق أمام ردود أفعال من العديد من الدول. وقامت وزارات وسفارات دول مثل نيجيريا وكينيا وجنوب أفريقيا وأوغندا وغانا بإدانة الأحداث وطالبوا باتخاذ الإجراءات اللازمة. فضلا عن ذلك الاتحاد الأفريقي هو الآخر تحرك. وبالرغم من أن التصريحات رفيعة المستوى القادمة من الصين أتت في اتجاه إزالة البلبلة إلا أنه من البديهي أن هذه الصور السلبية قد ألحقت الضرر بصورة الصين في أفريقيا[31].

خاتمة

فيروس كورونا الذي تحول إلى وباء عالمي انتشر في كل دول العالم تقريباً. المرض الذي يترك الدول بلا حيلة بسبب سرعة انتشاره وصل إلى أفريقيا بعد قارات أمريكا وأسيا وأوروبا. فالفيروس الذي أثر على العديد من المجالات وعلى رأسها الاقتصاد أدى إلى تعرض الأنظمة الصحية للدول المتقدمة إلى المصاعب بسبب العدد الهائل للإصابات. واكتسب الفيروس مساحة انتشار جديدة عبر التسرب إلى أفريقيا في الوقت الذي عجزت الدول الغربية المتقدمة عن مكافحته. ولهذا لجأت بعض الدول الأفريقية التي تحركت عقب الإبلاغ عن أول حالة إصابة في فبراير/شباط إلى إجراءات الحجر الصحي الجزئي. ولكن لم تستطع العديد من الدول أن تواجه الفيروس بالدرجة اللازمة بسبب نقص المستلزمات الطبية. إن الدول الأفريقية التي استطاعت أن ترفع من عدد الاختبارات بفضل المساعدات الصحية القادمة من العالم الخارجي ما زالت في بداية فترة انتشار فيروس كورونا. وفقاً لتوقعات الأمم المتحدة؛ يُعتقد أنه من المحتمل أن يموت ما بين 300 ألف و3.3 مليون شخص في عموم القارة بسبب المرض [32]. نتيجة لذلك؛ من غير المعروف كيف ستتجاوز دول أفريقيا الفيروس وهي تعاني من نقص دعم المعدات الطبية والعاملين الصحيين. لهذا السبب؛ فإن الوباء الذي تحول إلى أزمة داخلية في البلدان الغربية التي تملك مؤسسات عامة متقدمة يحتمل أن يفتح الطريق أمام وفيات أكثر في أفريقيا. ويمكن سرد المصاعب التي يمكن أن تواجهها أفريقيا في مكافحتها لفيروس كورونا كالتالي:

نقص المستلزمات الطبية وقصور البنية التحتية اللازمة لإنتاج المستلزمات الصحية.

نقص عمال الدعم الصحي والأطباء والممرضين.

تخلف البنية التحتية الصحية المادية.

ضرر إجراءات الحجر الصحي من الناحية الاقتصادية.

محدودية الحصول على الماء والغذاء وباقي المواد المعيشية الأساسية ومحدودية توريد مستلزمات النظافة.

احتمال أن تجلب المساعدات الخارجية مطالب سياسية في إثرها.

عدم كفاية المساعدات القادمة من العالم الخارجي.

عدم تقدم المؤسسات العامة بالقدر الكافي.

انخفاض الطلب على المواد الخام التي تمثل أحد أهم صادرات أفريقيا بسبب الوباء العالمي.

تسارع هبوط أسعار الطاقة بسبب الذعر (تشكل منتجات الطاقة ثلث صادرات أفريقيا).

[1] “COVID-19”, Africa Union CDC, https://africacdc.org/covid-19.

[2] F. Fenollar ve O. Mediannikov, “Emerging Infectious Diseases in Africa in the 21st Century”, New Microbes New Infect, volume: 26, (2018), p. 11.

[3] Fenollar ve Mediannikov, “Emerging Infectious Diseases in Africa in the 21st Century”, p. 11-12.

[4]  “Current Health Expenditure Per Capita”, world bank https://data.worldbank.org/indicator/SH.XPD.CHEX.PC.CD “Current Health Expenditure Per Capita-Sub Saharan.

Africa”, Dünya Bankası, https://data.worldbank.org/indicator/SH.XPD.

CHEX.PC.CD?locations=ZG,.

[5] Tolbert Nyenwah, “Africa Has a COVID-19 Time Bomb to Defuse”, World Economic Forum, 6 April 2020.

[6] Aryn Baker, “Few Doctors, Fewer Ventilators: African Countries Fear They are Defenceless Against Inevitable Spread of Coronavirus”, TIME,7 APRIL 2020.

[7] Africa’s Pulse an Analysis of Issues Shaping Africa’s Economic Future, (WORLD BANK, Washington DC: 2020), P. 3-5.

[8] “Coronavirus: Why Lockdowns May Not be the Answer in Africa”, BBC, 15 APRIL 2020.

[9] “40 Years of Ebola Virus Disease around the World”, Centers for Disease Control and Prevention, https://www.cdc.gov/vhf/ebola/history/chronology.html?CDC_AA_refVal=https%3A%2F%2Fwww.cdc.gov%2Fvhf%2Febola%2Foutbreaks%2Fhistory%2Fchronology.htm.

[10] Paul Muggeridge, “Which Diseases are Africa’s Biggest Killers”, World Economic Forum, 27 Aaugust 2015, https://www.weforum.org/agenda/2015/08/which-diseases-africa

[11] Baker, “Few Doctors, Fewer Ventilators: African Countries Fear That are Defenceless Against Inevitable Spread of Coronavirus”.

[12]  Baker, “Few Doctors, Fewer Ventilators: African Countries Fear That are Defenceless Against Inevitable Spread of Coronavirus”.

[13] COVID-19 in Africa: Protecting Lives and Economies, (united nations, Ethiopia:2020) p.5.

[14] “Tracking Africa’s Coronavirus Cases”, Aljazeera, 15 April 2020.

[15] COVID-19 in Africa: Protecting Lives and Economies, p. 3-5.

[16] COVID-19 in Africa: Protecting Lives and Economies, p. 1-4.

[17] “COVID-19 Drives Sub-Saharan Africa Toward First Recession in 25 Years”, world bank, 9 April 2020, https://www.worldbank.org/en/news/press-release/2020/04/09/covid-19-coronavirus-drives-sub-saharan-africa-toward-first-recession-in-25-years.

[18] “COVID-19 Drives Sub-Saharan Africa Toward First Recession in 25 Years”.

[19] Abdinor Dahir, “COVID-19 Could Mean Crippling Economic Lossesfor Africa”, Anadolu Agency, 14 Nisan 2020; “Africa to Lose 200 Billion USD Dollar This Year Due to COVID-19: Experts”, Anadolu Agency, 3 April 2020.

[20] Christina Okello, “Is European Aid for COVID-19 Response What Africa Really Needs”, RFI, 9 April 2020.

[21] Zeenat Hansrod, “China Makes Massive Donation of Medical Supplies to Fight Coronavirus in Africa”, RFI, 23 March 2020.

[22] Cornelia Tremann, “As Africa Prepares to Fight COVID-19, China Steps Up”, Lowy Institute, 15 April 2020, https://www.lowyinstitute.org/the-interpreter/africa-prepares-fight-covid-19-china-steps-up, Abdur Rahman, “China Experts Arrive to Help Nigeria in Coronavirus Fight Opposition Kicks”, Africa News, 9 April 2020; Liu Hongjie, “Chinese Companies Donate Foot to Kenyan Students to Fight COVID-19”, China Daily, 10 April 2020.

[23] Kwasi Gyamfi Asiedu, “China Wants to Help Africa Fight Coronavirus but Not Everyone is Welcoming”, Quartz Africa, 8 April 2020; “COVID-19: Nigerian Doctors Oppose Chinese Team’s Visit”, Anadolu Agency, 6 April 2020.

[24] İsa Toprak, “Turkey Sends Coronavirus Aid to Somalia”, Anadolu Agency, 17 April 2020; Faruk Zorlu, “Turkey Sends Medical Aid to Libya Amid Pandemic”, Anadolu Agency, 10 April 2020; Maxwell Bone and Minsoo Kim, “South Korea’s Response to COVID-19 in Africa”, The Diplomat, 15 April 2020.

[25] Bone and Kim, “South Korea’s Response to COVID-19 in Africa”.

[26] “Turkey: A Pioneer in Humanitarian Aid During Coronavirus Era”, Daily Sabah, 14 April 2020.

[27] “Dışişleri Komisyon Raporu”, TBMM, https://www.tbmm.gov.tr/ sirasayi/donem27/yil01/ss197.pdf.

[28] “China Sending Aid to Africa to Africa to Fight Coronavirus, Like the US and the EU”, Asia News, 17 April 2020.

[29] “In the Face of Coronavirus, African Countries Apply Lessons from Ebola Response”, world bank, 3 April 2020, https://www.worldbank.org/en/news/feature/2020/04/03/in-the-face-of-coronavirus-african-countries-apply-lessons-from-ebola-response

[30] “Coronavirus: Countries Reject Chinese Made Equipment”, BBC, 30 March 2020; Huileng Tan, “As China’s Case Dwindle, Beijing Strives to Take the Lead in the Coronavirus Crisis”, CNBC, 3 April 2020; Michael Fuchs, “The US-China Coronavirus Blame Game is Undermining Diplomacy”, The Guardian, 31 March 2020; Jenni Marsh, “Beijing Faces a Diplomatic Crisis after Reports of Mistreatment of Africans in China Causes Outrage”, CNN, 1 April 2020.

[31] “Afrika Ülkelerinden Çin’e Afrikalılara Yönelik Covid-19 Ayrımcılığını Durdurun Çağrısı”, Euronews Türkçe, 13 Nisan 2020; Marsh, “Beijing Faces a Diplomatic Crisis after Reports of Mistreatment of Africans in China Causes Outrage”; Shawn Deng ve Nectar Gan, “Africans in Guangzhou are on Edge, after Many are Left Homeless Amid Rising Xenophobia as China Fights a Second Wave of Coronavirus”, CNN, 13 April 2020.

[32] COVID-19 in Africa: Protecting Lives and Economies.

تسميات