ومن ناحية أخرى تدرك روسيا أن أنقرة مصممة على المضي في حماية حكومة الوفاق ولا خيار آخر لها عدا ذلك. فسقوط حكومة الوفاق يضر بالأمن القومي التركي على عدة مستويات، كما أن كلاً من تونس والجزائر المجاورتين لليبيا لا يريدان سقوط حكومة الوفاق، وبالتالي ومع حجم الوجود الروسي الحالي وغير الرسمي فإن احتمالات التفاهم بين البلدين للعمل نحو صيغة استقرارية تبدو أكبر.

كانت الدعوة المشتركة من تركيا وروسيا لوقف إطلاق النار في ليبيا مؤشراً على إمكانية تنسيق البلدين معاً لمسار حوار قد يكون أحد عوامل نجاح مؤتمر برلين وقد يكون بديلاً عنه مستقبلاً، وقد رأينا مؤخراً رفض السراج للتجاوب مع الوزراء الأوروبيين بسبب سياستهم الملتوية في التعامل بينه وبين حفتر. ولكن الحقيقة التي لا مفر منها أن البلدين لديهما قوات على الأرض ولديهما تجربة دبلوماسية ومصالح مشتركة قد يكون وزنها أثقل من وزن الملفات الخلافية في حسابات الربح والخسارة.

يستفيد البلدان أيضاً من الموقف الأمريكي الذي يبدو وكأنه غائب بشكل شبه كامل. ولكن علينا ألا ننسى أن استمرار أمريكا بهذا النسق أمر غير مضمون. ففي العام الأخير من إدارة أوباما وبعد انقلاب عسكري فاشل في تركيا تزايد التنسيق التركي الروسي في سوريا، ونجم عن ذلك عملية درع الفرات، وحالياً في السنة الأخيرة من الفترة الأولى لترمب لا يمكن قول نفس الأمر لأن علاقات أنقرة بواشنطن في عهد ترمب أفضل منها في عهد أوباما، وعلى الأرجح هي في عهد ترمب أفضل من رئيس ديمقراطي جديد.

إن قبول الأطراف المتنازعة في ليبيا لدعوة كلٍّ من تركيا وروسيا لوقف إطلاق النار يعبر عن نجاح مبدئي لمساعي الشريكين. وهذا ربما يؤسس لنزع فتيل الأزمة هناك، ويؤسس لبداية مسار سياسي يفضي إلى حل نهائي.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن TRT عربي.

المصدر: TRT عربي