هل يمكن أن تتفق أنقرة وواشنطن في سوريا؟

تتعارض المواقف التركية والأميركية في العديد من الملفات من إس 400 إلى الموقف من وحدات حماية الشعب في شمال سوريا إلى العديد من القضايا الإقليمية وحتى القضايا الداخلية …

تتعارض المواقف التركية والأميركية في العديد من الملفات من إس 400 إلى الموقف من وحدات حماية الشعب في شمال سوريا إلى العديد من القضايا الإقليمية وحتى القضايا الداخلية في تركيا وحتى حول قضايا تاريخية مثل مزاعم إبادة الأرمن. ولكن مع ذلك هناك من يدعو لفتح صفحة جديدة في بعض القضايا بالتحديد ويرى أن البداية لا بد أن تكون منها ومن هذه الأماكن القضية السورية.

رأينا قبل أيام السفير الأميركي يؤكد أنه لا حل أمام تركيا في مسألة إس 400 سوى التراجع عن امتلاك المنظومة الروسية، كما سمعنا الرئيس أردوغان يدافع عن بوتين ويصف رده على بايدن باللطيف في وجه اتهام بايدن لبوتين بأنه “قاتل بلا قلب” حيث وصف أردوغان عبارات بايدن بأنها لا تليق برئيس دولة، كما سرب بعض المقربين من البيت الأبيض توجه الأخير لإدانة تركيا في مذابح الأرمن. وكل هذه القضايا تظهر حقيقة التدهور الذي وصلت له العلاقات مع بداية إدارة جديدة في البيت الأبيض.

يرى بعض المحللين الأتراك المقربين من الدولة التركية أن إصلاح العلاقات التركية الأميركية لابد أن يبدأ من سوريا، وفي هذا السياق يرى الباحث قدير أوستون أن سياسات تركيا والولايات المتحدة في سوريا لا تختلف من حيث دعم جهات مسلحة محلية تستهدف نظام الأسد ولكن بينما تعمل تركيا مع الجيش الحر فإن واشنطن تعمل مع قسد والتي تضم وحدات “ي ب ك” التي تعد امتدادا لحزب العمال الكردستاني، ويرى أوستون أن واشنطن فشلت في صياغة استراتيجية واضحة تبرر الوجود الأميركي في سوريا وحاولت دون نجاح في تقديم  تمييز مصطنع بين حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني. وقد ألهت واشنطن أنقرة في وقت سيطرة داعش وقدمت دعما لوحدات حماية الشعب وهو الأمر الذي شعرت معه أنقرة بالتهديد فقامت بالتدخل عبر عدة عمليات قضت جزئيا على احتمالات إنشاء كيان كردي شمال سوريا، ولذلك بالنسبة للأتراك لا يوجد داع للاستمرار الأميركي في الوقوف خلف منظمات معادية لتركيا لم يعد هناك احتمالات لنجاحها خاصة في الوقت الذي تتحمل تركيا فيه عبئا كبيرا بسبب الأزمة في سوريا من نواح أمنية وإنسانية ومالية وغير ذلك.

يعتقد الأتراك أن على إدارة بايدن إعادة النظر في سياسة أميركا تجاه سوريا وأن عليها التناغم مع تركيا وتقدير مخاوفها، وإلا فإن العلاقات الثنائية ستتضرر وستترسّخ حالة عدم الاستقرار وستُحدث شقوقا داخل الناتو.

وفي السياق ذاته أكد أكثر من مسؤول تركي هذه المعاني حيث قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في إطار مشاركته بفعالية نظمتها وزارة الدفاع التركية بالعاصمة أنقرة، ضمن مراسم الاحتفالات بالذكرى الـ 106 لانتصار معركة جناق قلعة عام 1915، إن بلاده لا تجد من الصواب أن تدعم الولايات المتحدة تنظيم “ي ب ك” بذريعة مكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي، إذ أشار أكار إلى تنفيذ الجيش التركي عمليات عسكرية ناجحة شمالي سوريا والعراق على أساس احترام سيادة ووحدة أراضي دول الجوار.

وفي إشارة إلى ضرورة تخلي واشنطن عن دعم وحدات الحماية قال أكار “لم يبق مكان يفر إليه الإرهابيون سواء في الداخل أو الخارج، فلقد دمرنا مخابئهم حتى تلك التي يعتبرونها أكثر أمنا، وسوف نواصل عملياتنا من مفهوم هجومي حتى تحييد آخر إرهابي“. و”بالتالي، يجب على الولايات المتحدة التعاون مع حليفتها تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي منذ قرابة 70 عاما، بدلا من التعاون مع تنظيم ي ب ك”.

بالإضافة إلى ما سبق ربما قرأ الأتراك تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس -خلال مؤتمره الصحفي اليومي، في ردٍ منه على سؤال حول العلاقات الأميركية التركية في السياق السوري- بطريقة مفرطة في التفاؤل عندما قال “سنواصل العمل بشكل بناءٍ مع تركيا بهدف تنفيذ مصالحنا المشتركة في سوريا“.

حيث قال برايس “لدينا مصالح مشتركة مع تركيا، وسنواصل العمل معها بشكل بنّاء من أجل تحقيق تلك المصالح لا سيما تلك المتعلقة بالسياق السوري”.

من الواضح أن عدم اتصال بايدن مع أردوغان أصبح مؤشرا على اتجاه العلاقات وأن عدم اتصال بايدن يقرأ على أن الاتصال مشروط بتغيير أنقرة لمواقفها في العديد من الملفات على غرار عدد من الدول في المنطقة التي قدمت بعض الخطوات، وفي حين أبدت أنقرة استعدادها لفتح صفحة جديدة وللتفاهم، فإن بايدن ينتظر فيما يبدو من أنقرة خطوات عملية ولكن الحكومة التركية تفعل العكس حاليا على الأقل في القضايا الداخلية مثل دعوى إغلاق حزب الشعوب والخروج من اتفاقية إسطنبول للعنف ضد المرأة والتي انتقدها بايدن. ولذلك فالأمور ليست واعدة بالتحسن على الأقل في الأسابيع المقبلة.

[تلفزيون سوريا]

تسميات