مسار الاحتلال الروسي وموقف أنقرة

إن موقف أنقرة واضح؛ فهي تريد أن ينحسب الجيش الروسي وتدعم استقلال أوكرانيا ووحدة أراضيها بينما تواصل بيع الطائرات المسيرة لأوكرانيا في إطار التعاون معها في مجال الصناعات الدفاعية.

في اليوم الثاني عشر من الاحتلال، تستعدّ روسيا لتشديد حصارها على المدن الأوكرانية وعلى رأسها كييف. ولا يمكن تحقيق تقدّم في مفاوضات وقف إطلاق النار، بسبب بعض الاقتراحات مثل فتح ممرات إنسانية إلى روسيا أو بلاروسيا. وعلى الرغم من العقوبات الاقتصادية الشديدة، من غير المتوقع أن يتوقف الرئيس الروسي بوتين قبل الاستيلاء على كييف، فالعملية تسير بحسب الخطة برأي بوتين. في حقيقة الأمر؛ لم تعد المسألة تتعلق بتقييمات بوتين العقلانية أو العجيبة؛ إذ أن على بوتين أن يتظاهر بالفوز أمام العالم والرأي العام الروسي.

باحتلاله أوكرانيا، وضع بوتين حياته السياسية بأكملها على المحك، سواء كان ذلك لأنه خدع بتصريح الرئيس الأمريكي بايدن بأن الولايات المتحدة يمكنها تحمل “احتلال جزئي” أو لأنه اضطر إلى شن عملية عسكرية. وفي هذه المرحلة من المهم بالطبع فتح ممرات إنسانية، إلا أنه من المتوقع أن يتزايد القصف الروسي العنيف والاشتباكات الميدانية بعد إجلاء المدنيين من المدن المحاصرة.

يخشى الخبراء من تفاقم أوضاع الحرب مشيرين إلى أن فترة الأسابيع الثلاثة المقبلة حرجة. وفي حالة سقوط كييف فإن السيناريوهات البديلة بما في ذلك ” تشكيل حكومة في المنفى” مطروحة على جدول الأعمال . كما أن احتمالات انقسام أوكرانيا أو جرها إلى حرب أهلية طويلة الأمد بدعم غربي هي أسوأ السيناريوهات. وأيضا نقل بوتين الذي لوح باستخدام ورقة السلاح النووي الحرب إلى أوروبا الشرقية هو السيناريو الكابوس بالضبط.

باحتلاله أوكرانيا، وضع بوتين حياته السياسية بأكملها على المحك، سواء كان ذلك لأنه خدع بتصريح الرئيس الأمريكي بايدن بأن الولايات المتحدة يمكنها تحمل “احتلال جزئي” أو لأنه اضطر إلى شن عملية عسكرية. وفي هذه المرحلة من المهم بالطبع فتح ممرات إنسانية، إلا أنه من المتوقع أن يتزايد القصف الروسي العنيف والاشتباكات الميدانيةبعد إجلاء المدنيين من المدن المحاصرة.

أوكرانيا مع الأسف على وشك أن تصبح سوريا أو أفغانستان في أوروبا؛ فقد ارتفع عدد اللاجئين إلى البلاد المجاورة إلى حوالي مليوني لاجئ .

ويتواصل الدعم من أمريكا والاتحاد الأوربي بالأسلحة والمقاتلين المتطوعين، وفي هذا الإطار، أجرى الرئيس أردوغان اتصالًا مع بوتين لمدة ساعة لكي لا تسبب الحرب بمزيد من الدمار، ودعاه إلى إعلان عاجل لوقف إطلاق النار العام وفتح ممرات المساعدات الإنسانية.

تريد أن تبقى في موقف تتمكن فيه بناء علاقات ثقة مع موسكو وكييف في نفس الوقت. ولا شكّ أن هذا الموقف مهمّ لكل الأطراف (روسيا، وأوكرانيا، والناتو، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) من أجل الخروج من الأزمة.

ولا توجد كثير من الدول التي يمكن أن تفتح الطريق المؤدي إلى السلام -كما يقول أردوغان- بين روسيا وأوكرانيا بسبب عقوبات أمريكا والاتحاد الأوروبي والخطاب الأشد من المتوقع. وبالرغم من أن الرئيس الفرنسي ماكرون قد اتصل ببوتين فمن الواضح أن فرنسا ليست بموقف الوساطة، بل تبرز الصين والهند وإسرائيل وتركيا بدلا منها. وقد يكون أردوغان الذي يصرّ على الوساطة منذ بداية أزمة أوكرانيا اسما يمكن أن يثق به الزعيمان المتحاربان، فتركيا، بوصفها دولة من الدول المتضررة من الحرب، لا ترغب في خسارة أي من روسيا أو أوكرانيا.

إن موقف أنقرة واضح؛ فهي تريد أن ينحسب الجيش الروسي وتدعم استقلال أوكرانيا ووحدة أراضيها بينما تواصل بيع الطائرات المسيرة لأوكرانيا في إطار التعاون معها في مجال الصناعات الدفاعية.كما أنها قد أغلقت المضائق في وجه الطرفين المتحاربين.ولم تشارك في فرض العقوبات وشيطنة بوتين في إطار عزل روسيا. وبدلا من ذلك، فإنها تريد أن تبقى في موقف تتمكن فيه بناء علاقات ثقة مع موسكو وكييف في نفس الوقت. ولا شكّ أن هذا الموقف مهمّ لكل الأطراف (روسيا، وأوكرانيا، والناتو، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) من أجل الخروج من الأزمة.

تتناول الحكومة أزمة أوكرنيا بشكل ديناميكي، فالغرض هو حماية تركيا من تأثيرات الحرب قدر الإمكان والمساهمة في سياسة يمكن أن تفتح الطريق المؤدي إلى السلام.

أما اقتراح المعارضة باللحاق بركب الدول التي فرضت العقوبات ضد روسيا فهو بعيد كل البعد عن الواقع. وانتقاد حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد لأردوغان وتشبيههما أردوغان ب”الاوليغارك” يعدّ مثالا على الشعوبية الرخيصة. ومن المؤسف أن المعارضة محاصرة في مثل هذه التعليقات الضحلة، في الوقت الذي تعيد العواصم الغربية تذكر أهمية تركيا الإستراتيجية بسبب الاحتلال الروسي.

تتناول الحكومة أزمة أوكرنيا بشكل ديناميكي، فالغرض هو حماية تركيا من تأثيرات الحرب قدر الإمكان والمساهمة في سياسة يمكن أن تفتح الطريق المؤدي إلى السلام. ومن العجيب أنّ أوكرانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي تدرك موقف تركيا في هذه المرحلة بشكل أفضل من المعارضة في الداخل. وبالطبع قد تضطر أنقرة إلى اتخاذ قرارات جديدة حسب مسار الأزمة.

تسميات