f ما بعد زيارة بن سلمان ولبيد.. | السياسة الخارجية | SETA ما بعد زيارة بن سلمان ولبيد.. – SETA

ما بعد زيارة بن سلمان ولبيد..

ترغب أنقرة أن تكون عامل توازن يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة.

شهدت العاصمة أنقرة زيارتين مهمتين في الفترة الأخيرة، فقد استضاف الرئيس أردوغان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وكان وزير الخارجية الإسرائيلي لبيد الذي سيتولى رئاسة الوزراء ويقود إسرائيل إلى الانتخابات المبكرة قد حل ضيفا على نظيره التركي جاويش أوغلو. وكانت هاتان الزيارتان الرسميتان مهمتين لإظهار تحقيق نتائج ملموسة في سياستنا التطبيعية وتقوية دور تركيا بوصفها لاعبا موازنا في معادلة القوى الإقليمية. أولا، من أجل أن تتحقق التوقعات من التطبيع على مستوى عقلاني لا ينبغي التغاضي عن أن هذه العملية لا تتشكل بالاستناد إلى رغبة طرف واحد، ولكن بإرادة متبادلة لكلا الطرفين. فإن الأطراف التي تقوم بالتطبيع تحاول صياغة علاقة جديدة بطريقة لن تكون على حساب أطراف ثالثة. وكل عملية تطبيع تسير وفقا لدينامياتها وتؤثر على حسابات الجهات الفاعلة الأخرى أيضًا.

بوسع السعودية وتركيا أن تكونا الدولتين الأسرع في إعادة تحسين علاقاتهما الثنائية في المنطقة. وقد تكتسب العلاقات التي تدهورت بعد اغتيال خاشقجي وبدأت تتحسن بزيارة أردوغان لجدة، زخما جديدا نتيجة زيارة ولي العهد بن سلمان. حيث إن البيان المشترك المنشور يشير إلى هذه الحقيقة، ويستهدف التعاون الواسع بين البلدين، في مجالات التجارة والسياحة والبناء والطاقة والصناعات الدفاعية والتقنيات الجديدة. أشار البيان إلى رؤية المملكة العربية السعودية 2030 وأهمية تفعيل أعمال مجلس التنسيق السعودي التركي، وهو ما يعد مؤشرا على محاولة الدولتين وضع التعاون الثنائي على منظور طويل الأجل بأخذ التطورات الإقليمية والعالمية عين الاعتبار. كانت زيارة سلمان لأنقرة مهمة من ناحية كونها أتت قبل جولة الرئيس بايدن في الشرق الأوسط والتي ستبدأ الشهر المقبل من إسرائيل وتستمر في الضفة الغربية وجدة.

إن معاملة إدارة بايدن للسعودية مثل معاملة “المنبوذ” وقطع دعمها للرياض في الحرب الأهلية باليمن والمجال الذي فتحته لإيران بالمفاوضات النووية كانت تزعج الحكومة السعودية. ولكن، أجبر ارتفاع أسعار النفط بعد احتلال روسيا أوكرانيا بايدن على تطبيع العلاقات مع الحكومة السعودية. وهو يريد زيادة الرياض إنتاجها من النفط من أجل منع خسارة حزبه في انتخابات التجديد النصفي بشهر نوفمبر. وفي هذه الزيارة، من المتوقع أن يشجع بايدن التقارب بين القادة العرب وإسرائيل وأن يرضي حلفائه الخليجيين بشأن إيران. في هذه البيئة، تكسب رياض التي فتحت صفحة جديدة مع أنقرة أيضا، فرصة لتكون أكثر نشاطا في المنطقة. بالمناسبة، سبب وصول وكلاء إيران وبرنامجها النووي لمرحلة إنتاج أسلحة قلقا في المنطقة. وهذا الأمر يقوي رغبة دول المنطقة –خاصة السعودية- في التحول لقوة نووية.

تأتي تل أبيب على رأس العواصم التي تنزعج من النفوذ الإقليمي  المتزايد لإيران. وتزامنت زيارة لبيد لأنقرة مع شكل من أشكال النزاع بين طهران وتل أبيب. تشهد هذه الأيام هجوما إسرائيليا على المنشآت النووية الإيرانية والمواقع العسكرية والعلماء المشاركين في برنامجها النووي. حيث تتحدث إسرائيل عن تشكيل تحالف الدفاع الجوي للشرق الأوسط الذي يضم مصر والأردن والإمارات والسعودية ضد المسيرات  الإيرانية. أيضا، جرى  الكشف عن شبكة تجسس إيرانية في تركيا قبل هذه الزيارة. وهناك خطوة أخرى في التطبيع بين تركيا وإسرائيل التي تذهب إلى انتخابات مبكرة بينما ترفع العلاقات الثنائية إلى مستوى السفارات. ومن الواضح أن التطبيع بين تركيا وإسرائيل يتم بعناية حتى لا يكون هشًا في بيئة يشعر فيها بنفوذ رئيس الوزراء السابق نتنياهو.

إن تطبيع أنقرة مع إسرائيل والدول الخليجية ليس موجها ضد أطراف ثالثة مثل إيران؛ فتركيا لا تريد تكتلا يقوم على الانقسام العقائدي أو الطائفي في المنطقة كما أنها لا تريد أن تصبح أي قوة إقليمية تهديدا على الآخرين، وترى أن محاولة تصميم إقليمي مشابهة لفترة ترامب ستوسّع مجالات النزاعات والخلافات. وترغب أنقرة أن تكون عامل توازن يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة. لا تقتصر عمليات جهاز المخابرات الوطني التركي  ضد  شبكات التجسس للدول المختلفة على إرسال رسالة قوية إلى طهران بل تعلن أيضا تعلن للعواصم الأخرى ذات الصلة أنها لا تستطيع أن ترى تركيا كمسرح  للعمليات بأي شكل من الأشكال.

تسميات