لماذا يسمح المجتمع الدولي ليريفان بارتكاب جرائم حرب في إقليم قره باغ؟

بالنظر إلى ما سبق نجد أن أرمينيا من خلال أفعالها، انتهكت بالفعل المبادئ الرئيسية للقانون الدولي مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949، وقرارات المحكمة الجنائية الدولية والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وعلى سبيل المثال تنص المادة 8 من قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، على اعتبار جميع "الهجمات المتعمدة ضد السكان المدنيين أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية" جرائم حرب، مما يجعل الهجمات الأرمينية ضد المدنيين انتهاكات واضحة ترقى إلى جرائم حرب.

دخلت الاشتباكات بين أرمينيا وأذربيجان أسبوعها الرابع منذ اندلاعها يوم 27 سبتمبر. وبالرغم من توصل الطرفين المتحاربين إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية مرتين، إلا أنهما لم يتمكنا من الحفاظ على الهدنة. وأصر الجانب الأرميني على خرق الاتفاق وواصل هجماته على العسكريين والمدنيين الأذربيجانيين.

فبعد ساعات فقط من اتفاق وقف إطلاق النار الثاني في 10 أكتوبر، قام الجيش الأرميني بشن هجمات صاروخية على مدينة كنجة ثاني أكبر مدينة في أذربيجان مع أن الهدنة سعت إلى تبادل الأسرى وانتشال الجثث. ورداً على هذه الهجمات، اتخذت أذربيجان تدابير مضادة لحماية المدنيين والمواقع العسكرية.

ومن الواضح أن القوات الأرمينية تحاول منذ أن تكبدت خسائر فادحة في ساحة المعركة، تصعيد الحرب إلى مرحلة جديدة يتم فيها استهداف المدن والمدنيين بشكل صارخ. لكن الأمور لا تسير على ما يرام بالنسبة لأرمينيا التي فقدت مئات الجنود، خاصة خلال القصف الجوي الأذربيجاني.

فالتقارير تفيد بأن بعض القوات الأرمينية بدأت في الفرار من الجيش الذي فقدت فصائله السيطرة على كل الجبهات تقريباً. في المقابل حرر الجيش الأذربيجاني أجزاء من الأراضي المحتلة بالتدريج. ووفقاً للمسؤولين الأذربيجانيين، تم تحرير حوالي 78 منطقة سكنية بين قرية وبلدة، من الاحتلال الأرميني حتى الآن.

وتمثل التطورات الأخيرة نقطة تحول لكلا الجانبين. فبينما بدأت أرمينيا تفقد الأرض وتتجرع خسارة الشعور بالتفوق لأول مرة، اكتسبت أذربيجان الثقة بالنفس وتمكنت من تحرير بعض أراضيها المحتلة. فيما أرمينيا تبحث عن منفذ للخروج من ورطتها، فزادت من استهداف المواقع المدنية الأذربيجانية.

وقتل الجيش الأرميني حتى الآن أكثر من 60 مدنياً وأصاب 270 آخرين منهم 10 شهداء مدنيين و35 مصاباً أذربيجانياً في مدينة كنجة وحدها. كما استهدف الجيش الأرميني في الأسبوع الماضي، مدنيين تجمعوا في مقبرة لحضور جنازة في مدينة ترتر الأذربيجانية، مما أسفر عن مقتل 4 مدنيين. بينما تعرض 1700 منزل و90 مبنى سكني و327 منشأة مدنية للتدمير أو الضرر خلال القصف الأرميني على مناطق أذربيجانية وفقاً لبيانات العاصمة باكو.

وتتعمد أرمينيا مهاجمة المدنيين الأذربيجانيين وإيذاءهم، كما صرح المسؤولون الأذربيجانيون وشهود عيان بأن الجيش الأرميني استهدف قصداً مناطق سكنية مثل كنجة ومينغ تشفير وحيزي وشمكير وأبشيرون، وجميعها مناطق بعيدة عن خط المواجهة. مما تسبب باستشهاد العديد من النساء والأطفال خلال تلك الهجمات.

كذلك استهدف الجيش الأرميني الأسواق والمستشفيات وسيارات الإسعاف والمدارس والمقابر بالإضافة إلى مرافق البنية التحتية الأذربيجانية للكهرباء والغاز الطبيعي والمياه والاتصالات. وتم العثور على أكثر من 70 قطعة ذخيرة غير منفجرة في مختلف المدن الأذربيجانية.

ويستمر الجيش الأرميني إلى الآن بتعريض حياة الصحفيين للخطر من خلال عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتمييزهم عن القوات العسكرية بل تتعمد بعض القوات الأرمينية حمل لافتات مخادعة تدعي أن أفرادها صحفيين. وتظهر العديد من التقارير أن بعض المدنيين بمن فيهم الأطفال، أُجبروا على القتال في صفوف الجيش الأرميني.

وبالنظر إلى ما سبق نجد أن أرمينيا من خلال أفعالها، انتهكت بالفعل المبادئ الرئيسية للقانون الدولي مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949، وقرارات المحكمة الجنائية الدولية والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وعلى سبيل المثال تنص المادة 8 من قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، على اعتبار جميع “الهجمات المتعمدة ضد السكان المدنيين أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية” جرائم حرب، مما يجعل الهجمات الأرمينية ضد المدنيين انتهاكات واضحة ترقى إلى جرائم حرب.

وبالمثل، فإن الهجمات الأرمينية على المرافق الصحية والطبية بتجهيزاتها وعامليها تمثل انتهاكات للمادة 35 من اتفاقية جنيف الأولى، في حين أن استهداف الجيش الأرميني للبنية التحتية لأذربيجان تنتهك المادة 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

يبدو أنه كلما زاد الضغط على أرمينيا كلما قامت بتوسيع الصدام وإيصاله إلى حدوده القصوى وتحويله إلى حرب شاملة وأزمة إنسانية كبيرة، لأنها لا تستطيع العيش دون دعمٍ خارجي، ولا يمكنها أن تكسب الحرب بقدرات جيشها الحالية ولا باقتصادها الهش.

ومن الواضح أن اليد العليا القانونية والنفسية والقتالية في هذا النزاع هي لأذربيجان. وبالرغم من أن أرمينيا هي المعتدية والمحتلة، إلا أنها أضعف من أذربيجان التي تستبسل في الدفاع عن أراضيها.

ولا تزال أرمينيا تستفز أذربيجان في محاولةٍ لدفعها لانتهاك مبادئ القانون الدولي في الوقت الذي تشجع فيه أيضاً القوى العالمية مثل روسيا والولايات المتحدة على التدخل وتحويل الصراع إلى حربٍ إقليمية.

وبرأيي يجب على الآليات القانونية الدولية أن تجبر أرمينيا على وقف هجماتها ضد المدنيين واتخاذ التدابير اللازمة لمنع انتهاكات القانون الدولي الإنساني.

 

تسميات