كيف تؤثر الانتخابات الأمريكية على العالم؟

يمكن القول إن دولاً مثل فنزويلا وإيران وروسيا هي الدول الأكثر متابعة للانتخابات الأمريكية. أما بالنسبة لأنقرة التي اتخذت نهجاً مستقلاً منذ عهد بعيد؛ لن يكون لفوز ترامب أو بايدن أهمية كبيرة، بالرغم من إعلان بايدن عن "رغبته اسقاط الحكومة في تركيا عبر دعم المعارضة". هذا لأن الضغوطات التي مارستها الولايات المتحدة في عهد ترامب على تركيا لم تكن أقل من تلك التي مارستها في عهد أوباما الذي كان بايدن نائباً له.

خلال الساعات التي كُتبت فيها تلك السطور لم تكن نتائج الانتخابات الأمريكية قد حُسمت بعد. وربما لا تكون قد حُسمت أيضاً خلال اليوم الذي تنشر فيه هذه المقالة. يرجع ذلك لأن توقعات قطاعات واسعة تتجه إلى أن هذه الانتخابات ستتخللها العديد من المشاكل والنزاعات. وبالرغم من أن استطلاعات الرأي تظهر تقدم جو بايدن بفارق كبير عن غريمه ترامب، إلا أن الحديث عن النزاع هنا متعلق بالنظام الانتخابي الأمريكي والرئيس ترامب.

ينبع بعد القضية المرتبط بالنظام الانتخابي الأمريكي أولاً من مسألة خسارة أحد المرشحين السباق الرئاسي في حالة خسارته الولايات الحرجة، بالرغم من تجاوز عدد الأصوات التي حصل عليها عدد أصوات منافسه، كما حدث في الانتخابات الرئاسية عام 2016. يرجع هذا إلى أن المحدد الأساسي للفوز ليس الحصول على أغلبية أصوات الناخبين في عموم البلاد، بل الفوز بأغلبية أصوات أعضاء المجمع الانتخابي الذي سيختار الرئيس.

ثانياً، تضمن الانتخابات الأمريكية ادلاء بالأصوات عبر البريد يجعلها مشوبة بالنسبة للرئيس ترامب. الأمر الذي أدى إلى ظهور تخوفات من أن يثير ترامب الجدل حول الأصوات التي تم الإدلاء بها عبر البريد، ليفتح الباب أمام الفوضى العارمة في البلاد، في حالة خسارته الانتخابات.

هناك ترقب في الولايات المتحدة وأغلب العواصم الغربية التي تُعد الحليف التقليدي لواشنطن لاستكمال الانتخابات بسلاسة، وإعلان النتائج دون نزاعات، وفوز بايدن.

نأتي إلى قضية تأثير الانتخابات الأمريكية على العالم؛ يمكن الحديث عن تلك التأثيرات المختلفة بحسب ثلاث سيناريوهات حول الانتخابات.

يمكن سرد تلك السيناريوهات كالتالي: فوز ترامب، أو فوز بايدن، أو أن تسود حالة من الفوضى تتبع عدم معرفة هوية الفائز لفترة طويلة عقب الانتخابات. علاوة على ذلك؛ بالأخذ في الاعتبار أن ثلث مجلس الشيوخ سيتم تجديده في الانتخابات، يمكن وضع سيناريوهات فرعية حول استمرار الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ من عدمه في الحسبان في التحليلات.

يمكن القول إن دولاً مثل فنزويلا وإيران وروسيا هي الدول الأكثر متابعة للانتخابات الأمريكية. أما بالنسبة لأنقرة التي اتخذت نهجاً مستقلاً منذ عهد بعيد؛ لن يكون لفوز ترامب أو بايدن أهمية كبيرة، بالرغم من إعلان بايدن عن “رغبته في اسقاط الحكومة في تركيا عبر دعم المعارضة”. هذا لأن الضغوطات التي مارستها الولايات المتحدة في عهد ترامب على تركيا لم تكن أقل من تلك التي مارستها في عهد أوباما الذي كان بايدن نائباً له.

في عهد كلا الرئيسين، دعمت الولايات المتحدة تنظيمي “بي كا كا” و”واي بي جي”، كما نفذت اعتداءات تستهدف الاقتصاد التركي، وتجنبت تنفيذ مطالب أنقرة في قضية تنظيم فتح الله كولن. هذا الوضع هو مؤشر على أن سياسة واشنطن تجاه تركيا لن تتغير حتى لو فاز بايدن.

إن المحدد الأساسي للعلاقات التركية الأمريكية ليس هوية من يسكن البيت الأبيض، ولكن قضية التوقيت الذي ستحظى فيه سياسة أنقرة المستقلة المقاومة للضغوطات والإملاءات بالقبول في واشنطن.

وبينما الأمور على هذا النحو في موضوع تركيا، نجد أنه الأمور على الناحية الأخرى بالنسبة لدول تعرضت لضغوط أمريكية مكثفة في عهد ترامب كإيران على سبيل المثال قد يعني لها جلوس بايدن على كرسي الرئاسة تخفيف تلك الضغوط. في حالة اتباع بايدن نهج أوباما الذي كان نائباً له يوماً ما قد تُطرح قضية توقيع اتفاق جديد مع إيران على جدول الأعمال، اتفاق كهذا سيؤثر بصورة بالغة على مسار سياسة الشرق الأوسط.

في مقابل ذلك، أغلب الأمور لن تشهد تغيراً في حالة قدوم بايدن أو مواصلة ترامب. فتعمق التنافس مع الصين أكثر وأكثر، واستمرار فاعلية اللوبي الإسرائيلي في أمريكا، وتدخلات الولايات المتحدة الأمريكية في الشئون الداخلية للدول الأخرى هي أمور لن تتغير على المدى المنظور…

 

تسميات