ISTANBUL, TURKEY - DECEMBER 18: Turkish President Recep Tayyip Erdogan poses for a photo with participating leaders prior to the official opening session as part of the 3rd Turkey-Africa Partnership Summit in Istanbul, Turkey on December 18, 2021. ( Emrah Yorulmaz - Anadolu Agency )

العلاقات التركية الافريقية: من الانفتاح إلى الشراكة

تثبت تركيا حضورها في الميدان بأبعادها التنموية والأمنية والصداقة الإنسانية والثقافية، وتجمع بين الأدوار التي تقوم بها الجهات الفاعلة المؤثرة في القارة ممثلة في الأمن والتنمية.

تتنامى الرؤية التركية لأفريقيا، مع مرور الأعوام، عبر اتخاذ خطوات كبرى.

تختتم اليوم أعمال القمة الثالثة للشراكة التركية الأفريقية التي تواصلت على مدار ثلاثة أيام في اسطنبول بغداء عمل يجمع رؤساء الدول والحكومات. وتبرهن القمة التي حملت شعار “تعزيز الشراكة من أجل التنمية والازدهار المشترك” على المستوى الذي وصلت إليه علاقات تركيا مع القارة الأفريقية. لقد تحول الانفتاح التركي على افريقيا الذي بدأ عام 2005 وتسارع بعد عام 2009 إلى شراكة استراتيجية. ثلاثة عشر عامًا فقط مرت على اعلان الاتحاد الأفريقي تركيا “شريكًا استراتيجيًا” في عام 2008. وقد بلغ عدد السفارات التركية في القارة 43 سفارة و19 ملحقاً عسكرياً، وتحلق الخطوط الجوية التركية نحو 61 نقطة في القارة، وللوكالة التركية للتعاون والتنسيق “تيكا” 22 مكتباً، ولوقف المعارف التركي 175 مؤسسة تعليمية في 26 بلداً أفريقياً، وتقدم رئاسة شؤون الأتراك المغتربين في الخارج منحاً دراسية لما يزيد على 5000 طالب جامعي. ويمكن إضافة الاستثمارات المتوسعة باستمرار لرجال الأعمال الأتراك على القائمة.

هي إذاً ثمار الاتفاقيات التي وقعها الرئيس أردوغان خلال جولات الأفريقية (30 بلداً) التي أولاها أهمية استثنائية يقطفها اليوم في قصر دولمة بهشة. حيث يقوم القادة الأفارقة بمراجعة خطة العمل الخمسية. وفي هذا الإطار، تعد مشاركة 16 رئيس دولة وحكومة و102 وزير أفريقي منهم 26 وزير خارجية في القمة أقوى مؤشر على التعاون والثقة المتبادلة بين الأطراف.

اختلاف الرؤية التركية

في الماضي اشتهرت افريقيا بالفقر والصراعات الداخلي والهجرة، إلا أنها أضحت واحدة من المناطق الصاعدة في القرن الحادي والعشرين؛ إذ تقع 7 من بين أسرع 10 دول نمواً في العالم في عام 2020 في إفريقيا، وهذا ما يفسر الاهتمام الوثيق للدول الرائدة بالقارة. وفي هذا الصدد تبرز دول الاتحاد الأوروبي الصين وروسيا وفرنسا والإمارات والسعودية والهند. وتقدم رؤية تركيا لأفريقيا “بديلاً” للسياسات الحالية للقوى الاستعمارية القديمة والجديدة.

حيث يتم انتقاد الدول الغربية لاستمرارها في نهجها الاستعماري البائد. ففرنسا على سبيل المثال لا يمكنها التهرب من عبء الماضي المخزي. كما أن هناك أدلة على أن الصين تلعب دورًا من شأنها أن يؤسس للتبعية (فخ الديون) من خلال “التنمية” في القارة. من ناحية أخرى، يثير دور “مزود الأمن” الروسي مخاوف بشأن انتشار فاغنر في القارة. لهذا تجذب رؤية تركيا التي بدأت بالمساعدات الإنسانية والتي تقوم على “المساواة والمنفعة المتبادلة” المزيد والمزيد من الاهتمام.

تستند هذه الرؤية إلى فهم رؤية إفريقيا من منظور الأفارقة ومفهوم التنمية المشتركة. وتمتد مجالات الشراكة بين تركيا وأفريقيا من مساعدات التنمية إلى البنية التحتية والزراعة، والصحة والاتصالات والدفاع. وتشمل نقل التكنولوجيا والتمويل وتحديث الجيوش. من ناحية أخرى، يعد أداء الطائرات المسيرة المسلحة التركية في ليبيا وسوريا وقرة باغ سببًا آخر لإعجاب القادة الأفارقة. فقد أبدت إثيوبيا وأنغولا والمغرب وتونس اهتماماً بشراء طائرات مسيرة من تركيا.

التنمية والأمن جنباً إلى جنب

وهكذا تثبت تركيا حضورها في الميدان بأبعادها التنموية والأمنية والصداقة الإنسانية والثقافية، وتجمع بين الأدوار التي تقوم بها الجهات الفاعلة المؤثرة في القارة ممثلة في الأمن والتنمية. وفي هذا السياق من المستهدف أن يتزايد حجم تجارة تركيا مع إفريقيا من 25 مليار دولار إلى 50 وحتى 75 مليار دولار. ومع ذلك، بالنظر إلى أن حجم التجارة الأفريقية مع الصين (190 مليار دولار) ومع ألمانيا (50 مليار دولار) لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه بالشراكة مع دول القارة. من الواضح أن الموارد البشرية المهتمة بإفريقي تحتاج إلى استثمارات شاملة جديدة، بما في ذلك تدريب المتخصصين في جامعاتنا لتطوير استراتيجيات على أساس البلد.

رسالة أمينة أردوغان لأفريقيا

ضم عدد شهر ديسمبر من “Kriter” الصادرة بالتركية عن مركز سيتا حواراً أجريته مع السيدة أمينة أردوغان زوجة الرئيس، وقد نقلت السيدة الأولى تجربتها في أفريقيا بوصفها “أماً ومرأة”. فقالت أن “إذا لم تنظروا إلى الإنسانية على أنها عائلتكم فمن المستحيل أن تكون عادلين. قلوب الأمهات واحدة في كل العالم، وإننا نعتبر نجاح وسعادة القارة الأفريقية نجاحاً وسعادة لنا.”.

تسميات