f الدروس الواجب استخلاصها من أزمة السفراء | مقالات رأي | SETA الدروس الواجب استخلاصها من أزمة السفراء – SETA

ANKARA, TURKEY - OCTOBER 25: Turkish President Recep Tayyip Erdogan gives a news conference after the cabinet meeting in Ankara, Turkey on October 25, 2021. ( Aytaç Ünal - Anadolu Agency )

الدروس الواجب استخلاصها من أزمة السفراء

إن على بعض دول الغرب المنزعجة من اتخاذ تركيا قرارات مستقلة بشأن مصالحها القومية أن تتفهم واقع تركيا الجديدة، إذ أن محاولات تأديب تركيا من خلال البيانات الدبلوماسية لن تجدي، فالشعب التركي حازم وجاد في حماية مصالحه وسيادته.

كانت بعض العواصم الأوروبية على شفا أزمة خطيرة، إذ أعلن الرئيس أردوغان معارضته لبيان السفراء العشرة الذي تدخل بشكل صارخ في الشؤون الداخلية لتركيا وأخل بحقوقها السيادية، حيث أعلنها أردوغان واضحة “إما أن يفهموا تركيا وإما أن يرحلوا” (أي أن يتم إعلانهم شخصيات غير مرغوب فيها).

بالأمس أصدرت سفارات عشر دول بيانًا تعلن فيه التزامها بمراعاة المادة 41 من معاهدة فيينا، متراجعة بذلك خطوة إلى الخلف، وقد رحبت مصادر من رئاسة الجمهورية بهذا التراجع. كان البيان المشترك الذي تدخل في شؤون القضاء التركي فيما يتعلق بتنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن قضية كافالا قد أثار رد فعل واسع النطاق في الرأي العام التركي.

لم تتخذ الدول نفسها الموقف ذاته إزاء اليونان فيما يخص قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن تنظيم أتراك تراقيا الغربية، وهو ما بدا مؤشرًا على ازدواجية معايير تلك الدول. مثلت إعادة تأكيد السفارة الأمريكية على “الامتثال” للمادة 41 تراجعًا إيجابيًا بالنسبة للعلاقات التركية الغربية ولاجتماع أردوغان وبايدن في روما نهاية هذا الشهر.

في طريقنا نحو انتخابات 2023، هناك دروس مهمة ينبغي استخلاصها من هذه الأزمة فيما يتعلق بعلاقات تركيا بالولايات المتحدة وأوروبا. وبالتأكيد حتى لا تتكرر مثل هذه التوترات التي تلحق الضرر بكافة الأطراف..

الحملات الدعائية لن تفيد!

إن على بعض دول الغرب المنزعجة من اتخاذ تركيا قرارات مستقلة بشأن مصالحها القومية أن تتفهم واقع تركيا الجديدة، إذ أن محاولات تأديب تركيا من خلال البيانات الدبلوماسية لن تجدي، فالشعب التركي حازم وجاد في حماية مصالحه وسيادته.

إن التحالف أو التعاون في المنظمات الدولية لا يعطي الحق لبضعة دول أن تفرض إملاءات على أنقرة! لا سيما وأن الدعم الذي توفره هذه الدول ذاتها لتنظيمات بي كا كا/واي بي جي وفتح الله كولن الإرهابية أضحى كالشمس في وضح النهار، ومن هنا ينبغي ألا يتوقع أحد أن تبقى تركيا صامتة إزاء مثل هذه المواقف المتعجرفة.

إن السياسة الداخلية لدولة كتركيا التي برزت بوصفها لاعب هام على الساحة العالمية التي يحتدم فيها التنافس بين القوى الكبرى لا يحددها سوى مقوماتها الديموقراطية، فهي مغلقة أمام التدخلات شأنها في ذلك شأن الديموقراطيات الأخرى. علاوة على ذلك، ستكون أنقرة شديدة الحساسية إزاء الأنشطة العملياتية المحتملة لبعض العواصم الغربية فيما يتعلق بسيادة تركيا خلال العملية الانتخابية المقبلة، وسترد بقسوة إذا لزم الأمر. لأن التصريح المشترك للسفراء العشر إذا ما جرى تناوله مع قراري قضية “خلق بنك” ووضع تركيا على القائمة الرمادية يتضح أن هناك حملة يجري شنها من قبل الجبهة الغربية على تركيا.

إن تدخل العواصم الغربية في السياسة الحزبية التركية التي تشهد بالفعل منافسة شرسة هو ظاهرة تزعج تركيا بأكملها، حيث أثار بيان “تعزيز الديمقراطية” الذي عفا عليه الزمن، والذي اعتبره حزب الشعب الجمهوري “وديًا” غضب الشعب التركي.

 

جهد بلا طائل

للأسف هناك حملات دعائية لا نهاية لها ضد تركيا في العواصم الغربية. فبعض الدوائر تقوم بدعاية تحت عنوان “دعونا لا نعمل مع تركيا تحت حكم أردوغان، فلننتظر“. لم تكن هذه الدوائر مرتاحة لتعاون ميركل مع أردوغان بشأن الهجرة والتجارة، كما لم تكن سعيدة بتعاون إدارة بايدن معه في أزمة أفغانستان. ترغب هذه الدوائر في ممارسة الضغوط على أنقرة حتى رحيل أردوغان عن السلطة، وتقوم هذه المقاربة بإلحاق الضرر بعلاقات تركيا بالغرب، وتعجز عن فهم التحول الذي شهدته تركيا خلال عقدين من حكم أردوغان.

تفرض أزمات المنطقة المحيطة بتركيا عليها أن تكون مستقلة في قرارها وتتبع سياسة خارجية فعالة ونشطة. دعكم من رفض بعض المعارضين للتحركات التركية خارجيًا! فلا يوجد سياسي عاقل يمكنه أن يتراجع أو يتخلى عن المصالح التركية القومية في سوريا وليبيا أو شرق المتوسط.

لقد وضعت سياسة أردوغان معايير عالية جديدة في تعزيز المصالح القومية لتركيا، وخفض هذه المعايير سيكون انتحار بالنسبة لأي سياسي.

باختصار، سيخدم هؤلاء السفراء بلادهم أفضل إذا ما اجتهدوا من أجل صياغة علاقة جديدة مع تركيا تعترف بمصالحها وحساسياتها.

تسميات